للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يُدْعَى أحدٌ من تلك الأبواب كلها؟ قال: "نعم، وأرجو أن تكون منهم".

وقد ذكر العلماء أن فائدة تعدّد الأبواب وفتحها، والدعاء منها هو التشريف في الموقف، والإشادة بذكر من حَصَلَ له ذلك على رؤوس الأشهاد، فليس من يؤذن له في الدخول من باب لا يتعدّاه كمن يُتَلَقَّى بالترحيب من كلّ باب، ويَدخُلُ من حيث شاء (١).

والأبواب الثمانية هي: باب الإيمان، وباب الصلاة، وباب الصيام، وباب الصدقة، وباب الكاظمين الغيظ، وباب الراضين، وباب الجهاد، وباب التوبة.

قال الجامع عفا الله عنه: [فإن قلت]: يعارض حديث الباب ما أخرجه الشيخان من حديث سهل بن سعد - رضي الله عنه - مرفُوعًا: "إن في الجنّة بابًا يقال له: الريّان، يدخل منه الصائمون، لا يدخل معهم أحدٌ غيرهم … " الحديث.

[قلت]: لا تعارض بينهما؛ لأن المنفيّ فيه دخول غيرهم، وحديث الباب بيَّن أنه يُخيّر للتشريف، ولا يلزم منه الدخول؛ وحاصله أنه وإن خُيِّر لكن لا يَرغَب في الدخول فيه، ولا يُوفَّق لذلك، إلا إذا كان ممن أكثر الصيام، والله تعالى أعلم بالصواب.

[تنبيه]: قوله: "أبواب الجنة الثمانية" هكذا رواية المصنّف بدون زيادة "مِنْ"، ونحوه رواية أبي داود، والنسائيّ، ووقع في رواية الترمذيّ بلفظ: "فتحت له ثمانية أبواب من الجنّة، من أيّها يدخل"، وهي تدلّ على أنها أكثر من ثمانية؛ بناءً على أن "من" للتبعيض، وفي كلام القرطبيّ ما يؤيّده، وهو لا ينافي رواية المصنّف؛ لأن اسم العدد لا مفهوم له (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: الذي صحّ من الأحاديث يفيد أن أبواب الجنّة ثمانية، كما في حديث الباب، ولا ينافيه ما وقع في رواية الترمذيّ بلفظ "من"؛ لأنها للابتداء كما هو أصل معناها، لا للتبيعض، فلا تنافي ما هنا، وأما ما ذكره القرطبيّ في كتابه "التذكرة" بأنها أكثر من ثمانية، ثم أوصلها إلى ثلاثة عشر، فلا يُلتفت إليه؛ لأنه لم يستند إلى نصّ صحيح يدلّ على ما ذكره، فتنبّه،


(١) ذكره السيوطيّ في "زهر الربى في شرح المجتبى" نقلًا عن ابن سيّد الناس ١/ ٩٣.
(٢) "المنهل" ٢/ ١٥٨.