للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

في ذلك الحديث: "غُفِرَ له .. إلخ" أريد به أنه تجب له الجنة، ولا شكّ أن ليس المراد دخول الجنة مطلقًا، فإنه يحصل بالإيمان، بل المراد دخولًا أوّليًّا، وهذا يتوقّف على مغفرة الصغائر والكبائر جميعًا، بل مغفرة ما يُفعَل بعد ذلك أيضًا، نعم لا بدّ من اشتراط الموت على حسن الخاتمة، وقد يُجعَل هذا الحديثُ بشارةً بذلك أيضًا. انتهى (١).

(إِلَّا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ") أي أن الله تعالى أوجب على نفسه أن يُدخله الجنّة؛ فضلًا منه وكرمًا، والظاهر أن المراد دخوله أوّلًا من غير سبق عذاب؛ لأن دخول الجنة مطلقًا يكفي فيه الإيمان، ولو لم يعمل هذا العمل، كما هو مذهب أهل السنّة، والاستثناء من عموم الأحوال.

(قَالَ:) عقبة - رضي الله عنه - (فَقُلْتُ: مَا أَجْوَدَ هَذِهِ) الإشارةُ إلى الكلمة، أو الجملة التي قالها النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وهي: "ما من مسلم .. إلخ"، أو الفائدة، أو البشارة، أو العبادة.

[تنبيه]: قوله: "ما أجود هذه" "ما" تعجّبيّة، وهي نكرة تامّةٌ، عند سيبويه؛ أي غير موصوفة بالجملة بعدها، و"أجود" فعلٌ ماضٍ، وفاعله ضمير مستترٌ عائد على "ما"، و"هذه" اسم إشارة مفعول به لـ "أجود"، والجملة خبر "ما"، فراجع شروح "الخلاصة" عند قولها:

بِـ "أَفْعَلَ" انْطِقْ بَعْدَ"مَا" تَعَجُّبَا … أَوْ جِئْ بِـ "أَفْعِلْ" قَبْلَ مَجْرُورٍ بِـ "بَا"

وَتلْوَ "أَفْعَلَ" انْصِبَنَّهُ كـ "مَا … أَوْفَى خَلِيلَيْنَا وَأَصْدِقْ بِهِمَا"

والمعنى: ما أحسن هذه الفائدة، وما أجمل هذه البشارة، وهو تعجّب من جودتها من جهة أنها سَهلةٌ متيسّرة، يقدر عليها كلُّ أحد بلا مشقّة، مع عِظَم أجرها (٢)، والله تعالى أعلم.

(فَإِذَا) فجائيّة، ظرف لـ"يقول والمعنى: ففاجأني قوله (٣)، وقوله: (قَائِلٌ) مبتدأ خبره جملة "يقول"؛ أي شخصٌ متكلّم (بَيْنَ يَدَيَّ) أي أمامي، متعلّق بصفة لـ "قائل" (يَقُولُ) جملة في محلّ نصب على الحال؛ أي حال كونه


(١) "المرعاة" ٢/ ٩.
(٢) راجع "شرح النوويّ" ٣/ ١٢١.
(٣) انظر تفاصيلها في "مغني اللبيب" ١/ ٨٣ - ٨٤.