للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢)} [المؤمنون: ١ - ٢] (١) (وَرُكُوعَهَا) قال التوربشتيّ رحمه الله: اكتفى بذكر الركوع عن السجود؛ لأنهما ركنان متعاقبان، فإذا حثّ على إحسان أحدهما حثّ على الآخر، وفي تخصيصه بالذكر تنبيه على أن الأمر فيه أشدّ، فافتقر إلى زيادة توكيد؛ لأن الراكع يَحْمِل نفسه في الركوع، ويتحامل في السجود على الأرض، وقيل: الأولى أن يقال: إنما خصّ الركوع بالذكر دون السجود؛ لاستتباعه السجود؛ إذ لا يستقلّ عبادةً وحده، بخلاف السجود، فإنه يستقلّ عبادةً، كسجدة التلاوة، وسجد الشكر (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: وأما ما قيل: إن تخصيص الركوع؛ لأنه من خصائص المسلمين، فيردّه قوله تعالى {وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} [آل عمران: ٤٣]، وتأويله بأن المراد: انقادي، وصلّي مع المصلين غير صحيح؛ لمخالفته ظاهر النصّ.

والحاصل أن الركوع ليس من خصائص هذه الأمة، كما هو نصّ الآية الكريمة، فتنبّه، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

(إِلَّا كَانَتْ) أي الصلاة (كَفَّارَةً) أي ساترةًا لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ) أي لجميع ما قبلها من المعاصي (مَا لَمْ يُؤْتِ) بضمّ أوله، وكسر ثالثه مبنيًّا للفعل، من الإيتاء، وقيل: هو مبنيّ للمفعول؛ أي ما لم يَعْمَل، وُضِع الإيتاء موضع العمل.

وأشار في هامش نسخة محمد ذهني إلى أنه يوجد في بعض النسخ بلفظ: "ما لم يَأتِ كبيرةً"، وهو الذي في "مستخرج أبي نعيم" (١/ ٢٩٤)، فيكون مضارعَ أَتَى ثلاثيًّا، وهو أوضح، يقال: أَتَى حدًّا، أو منكرًا: إذا فعله.

ووقع في نسخة "شرح الأبيّ"، و"السنوسيّ " بلفظ: "ما لم تُؤتَ كبيرةٌ" بالتاء، وعليه فهو مبنيّ للمفعول، و"كبيرةٌ" مرفوع على أنه نائب فاعله.

وذكر التوربشتيّ أن إثبات "يَأْتِ" علي بناء الفاعل في "كتاب المصابيح"


(١) راجع "الكاشف" ٣/ ٧٤٥، و"المرقاة" ٢/ ١٤.
(٢) راجع "المرقاة" ٢/ ١٥.