للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الوقت الحاضر (حَيْثُ هُوَ)؛ أي: المكان الذي فيه الدجال الموعود به آخر الزمان (وَأَعْرِفُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ، قَالَ) أبو سعيد: (وَقِيلَ لَهُ)؛ أي: قال قائل لابن صائد، ويَحتمل أن يكون القائل هو أبو سعيد، أو بعض الحاضرين: (أَيَسُرُّكَ) وتستبشر به (أَنَّكَ ذَاكَ الرَّجُلُ؟) أي لو كنت إياه، فهل ترضى بذلك؟، وتُسرّ به؟ (قَالَ) أبو سعيد: (فَقَالَ) ابن صائد: (لَوْ عُرِضَ عَلَيَّ) بالبناء للمفعول؛ أي: لو قُدّر أن عُرض عليّ أن أكون أنا هو، (مَما) نافية، (كَرِهْتُ) بفتح أوله، وكسر ثالثه، أي لم أكن كارهًا ذلك.

وقال القاري -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "قال"؛ أي: أبو سعيد، "وقيل له"؛ أي: لابن صياد، "أيسرك"؛ أي: أيوقعك في السرور، ويفرحك، ويعجبك، "أنك ذلك الرجل"؛ أي: أن تكون الدجال، "قال"؛ أي: أبو سعيد، "فقال"؛ أي: ابن صياد: "لو عُرِض علي" بصيغة المجهول؛ أي: لو عُرِض عليّ ما جُبل في الدجال من الإغواء، والخديعة، والتلبيس، "ما كَرِهت"؛ أي: بل قبلت، والحاصل رضاه بكونه الدجال، وهذا دليل واضح على كفره، كذا ذكره المظهر، وغيره من الشراح. انتهى (١).

وقال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ-: إن هذه الأشياء اتّفقت لابن صيّاد بعد أن كَبِر، وبعد موته -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأنه حج البيت، وحفظ الحديث عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وذكره الطبريّ وغيره في عداد الصحابة، لكن ظهرت منه في هذه الأحاديث أمور بعضها كفر، كقوله: "لو عرض عليّ ما كرِهتُ"، فإن من رضي لنفسه دعوى الألوهيّة، وحالة الدجّال فهو كافر، وبعضها يُشعر أنه الدجّال، كقوله: "إني أعرفه، وأعرف مولده، وأين هو؟ " زاد الترمذيّ: "وأين هو الساعة من الأرض؟ "، فإن هذه كالنصّ أنه هو، وما لبّس به من أنه أسلم، فقد يكفر فيما يُستقبل، أو يكون إسلامه تقيّةً، وهو منافق، وكذلك لا حجة له في دخول المدينة ومكة؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- إنما أخبر أنه لا يدخلها أيام فتنبّه، وكذلك قوله: لا يولد له يَحْتَمِل أنه أيام خروجه، وإن استبعده الأبيّ لِمَا في الرواية الأخرى أنه عقيم، واللَّه تعالى أعلم (٢).


(١) "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" ١٦/ ٥١.
(٢) راجع: "شرح الأبيّ" ٧/ ٢٦٠ - ٢٦١.