للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أسباط بن محمد عن الأعمش، عن بعض أصحابه، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، والأعمش كان صاحب تدليس، فربّما أخذ عن غير الثقات. انتهى كلام ابن عمار.

قال الجامع عفا الله عنه: خلاصة ما أشار إليه ابن عمّار: أن هذا الحديث فيه انقطاع بسبب أن الأعمش مدلّس، فلعله أخذه عن غير ثقةٌ، فدلّسه.

ويجاب عن هذا بأمور:

أحدها: أن أبا أسامة صرّح عند مسلم بقول الأعمش: حدّثنا أبو صالح، وأبو أسامة من الحفّاظ المتقنين، كما هو مصرّح به في ترجمته في "التهذيب" وغيره.

الثاني: أن الاعتراض على رواية أبي أسامة برواية أسباط بن محمد ليس من عمل أهل الإنصاف، فإن أبا أسامة حافظ ثقة ثبت، وأما أسباط فمختلَف فيه، راجع ترجمته في "تهذيب التهذيب" (١)، فقد ضعّفه الكوفيّون، ولا سيّما في الثوريّ، قال الدوريّ عن ابن معين:. ليس به بأس، وكان يخطئ عن سفيان، وقال الغلابي عنه: ثقةٌ، والكوفيون يضعّفونه، وقال الْبَرْقيّ عنه: الكوفيون يضعّفونه، وهو عندنا ثَبْت فيما يروي عن مطرّف، والشيبانيّ، وقال العقيليّ: ربما يهم في الشيء، وقال ابن سعد: كان ثقةٌ صدوقًا، إلا أن فيه بعض الضعف. من "تهذيب التهذيب" انتهى باختصار.

فمن كان مثل هذا كيف يضعف به مثل أبي أسامة الذي قال فيه الإمام أحمد بن حنبل: أبو أسامة أثبت من مائة مثل أبي عاصم (٢)؟ كان صحيح الكتاب، ضابطًا للحديث، كَيّسًا صدوقًا، وقال أيضًا: كان ثبتًا، ما كان أثبته، لا يكاد يخطئ، وقال ابن سعد: كان ثقةٌ مأمونًا، كثير الحديث يدلس، ويبيّن تدليسه، وكان صاحب سُنَّة وجماعة، وقال العجليّ كان ثقةٌ، وكان يُعَدّ من


(١) "تهذيب التهذيب" ١/ ١٨٥.
(٢) تأمل هذه العبارة، فإنها من أرفع التوثيق، فإن أبا عاصم النبيل إمام حجة، ومع ذلك فضّل الإمام أحمد أبا أسامة عليه، فتبصّر.