للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لم يقدّمه (نَسَبُهُ")؛ أي: شَرَف نَسَبه؛ يعني: أنه لا يَجْبر نقصه كونه نسيبًا في قومه؛ إذ لا يحصل التقرب إلى الله تعالى بالنسب، بل بالأعمال الصالحة، والآخرة لا ينفع فيها إلا تقوى الله تعالى، والعمل الصالح، قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣].

وقال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: يعني: أن الآخرة لا ينفع فيها إلا تقوى الله تعالى، والعمل الصالح، لا الفخر الراجح، ولا النسب الواضح (١).

وقال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: معناه: من كان عمله ناقصًا لم يُلحقه نسبه بمرتبة أصحاب الأعمال، فينبغي أن لا يتّكل على شرف النسب، وفضيلة الآباء، ويقصّر في العمل. انتهى (٢).

[فإن قلت]: هذا ينافي قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} الآية [الطور: ٢١]، فإنه يدلّ على أن النسب ينفع.

[قلت]: هذه الآية فيمن تَبِع في الإيمان، ولكنه مقصّر في بعض الأعمال، فيُلحق بهم تكريمًا لهم، وأما الحديث فهو محمول على من اتبع هواه، فضلّ السبيل، فإنه لا ينفعه نسبه، ولا يُلحقه بآبائه. انتهى.

وقال الطيبيّ رَحِمَهُ اللهُ: قوله: "ومن بطّأ به عمله … إلخ " تذييل بمعنى التعظيم لأمر الله تعالى، فالواو فيه، وفي قوله: "والله في عون العبد" استئنافيّة، وبقيّة الواوات عاطفة، وأخرج الأخير مخرج الحصر خصوصًا بـ "ما"، و"إلا"؛ ليقطع الحكم به، ويكمل العناية بشأنه (٣)، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف رَحِمَهُ اللهُ.

[تنبيه]: ذكر أبو الفضل بن عمّار الحافظ علّة لهذا الحديث، فقال: هو حديث رواه الخلق عن الأعمش، عن أبي صالح، فلم يذكر الخبر في إسناده غير أبي أسامة، فإنه قال فيه: عن الأعمش، قال: حدّثنا أبو صالح، ورواه


(١) "المفهم" ٦/ ٦٨٨.
(٢) "شرح مسلم" ١٧/ ٢٢ - ٢٣.
(٣) "الكاشف عن حقائق السنن" ٢/ ٦٦٥.