للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وأما معرفة العامل، أو مَن شاهده، فإنما يُعرف بالعمل. (قَالَ) عمران -رضي الله عنه-: (فَقَالَ) -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ("نَعَمْ" أي: عُلم هؤلاء مِن هؤلاء، (قَالَ) عمران: (قِيلَ)؛ أي: قال السائل، وقد مرّ آنفًا أنه عمران -رضي الله عنه- نفسه، (فَفِيمَ يَعْمَلُ الْعَامِلُونَ؟) وفي رواية البخاريّ: "فلِمَ يعمل العاملون؟ "، والمعنى: إذا سبق القلم بذلك، فلا يحتاج العامل إلي العمل؛ لأنه سيصير إلى ما قُدِّر له. (قَالَ) -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ردًّا على هذا الاستشكال: ("كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ" أي: مِنْ عَمَل أهل الجنّة، أو النار، وقد جاء هذا الكلام عن جماعة من الصحابة -رضي الله عنهم- بهذا اللفظ يزيدون على العشرة، وقد تقدّم بيان ذلك قريبًا.

وفي رواية البخاريّ: "كلٌّ يعمل لِمَا خُلق له، أو لِمَا يُسّر له"، وقوله: "يُسِّر" بضم أوله، وكسر المهملة الثقيلة.

وقد جاء هذا الكلام الأخير عن جماعة من الصحابة بهذا اللفظ يزيدون على العشرة. وفي الحديث إشارة إلى أن المآل محجوب عن المكلّف، فعليه أن يجتهد في عَمَل ما أُمر به، فإن عمله أمارة إلى ما يؤول إليه أمره غالبًا، وإن كان بعضهم قد يُختم له بغير ذلك، كما ثبت في حديث ابن مسعود وغيره، لكن لا اطلاع له على ذلك، فعليه أن يبذل جهده، ويجاهد نفسه في عمل الطاعة، لا يترك وُكولًا إلى ما يؤول إليه أمره، فيلام على ترك المأمور، ويستحق العقوبة، وقد ترجم ابن حبان بحديث الباب: "ما يجب على المرء من التشمير في الطاعات، وإن جرى قبلها ما يَكره الله من المحظورات" (١)، والله تعالى أعلم.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عمران بن حُصين -رضي الله عنهما- هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [١/ ٦٧١٤ و ٦٧١٥] (٢٦٤٩)، و (البخاريّ) في "القدر" (٦٥٩٦) و"التوحيد" (٧٥٥١)، و (أبو داود) في "السُّنَّة" (٤٧٠٩)،


(١) "الفتح" ١٥/ ٢١٠، كتاب "القدر" رقم (٦٥٩٦).