وبقوله:{وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}[البقرة: ٣]، وقوله:{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً}[البقرة: ٢٧٤]-إلى غير ذلك من الآياتِ- أن الجود من مكارم الأخلاق، والبخل من أرذلها. وليس الجواد: الذي يعطي في غير موضع العطاء، ولا البخيل: الذي يمنع في موضع المنع، لكن الجواد: الذي يعطي في موضع العطاء، والبخيل: الذي يمنع في موضع العطاء، فكل من استفاد بما يعطى أجرًا وحمدًا فهو الجواد، وكل من استحقّ بالمنع ذمًّا، أو عقابًا فهو البخيل، ومن لم يستفد بالعطاء أجرًا ولا حمدًا، وإنما استوجب به ذمًّا فليس بجواد، وإنما هو مسرف مذموم، وهو من المبذرين الذين جعلهم الله إخوان الشياطين، وأوجب الحجر عليهم، ومن لَمْ يستوجب بالمنع عقابًا ولا ذمًّا، واستوجب به حمدًا، فهو من أهل الرشد، الذين يستحقون القيام على أموال غيرهم، بحسن تدبيرهم وسداد رأيهم. انتهى (١)، والله تعالى أعلم.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رَحِمَهُ اللهُ- أوّلَ الكتاب قال:
١ - (هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ) -بكسر الراء الخفيفة- ابن مصعب التميميّ، أبو السَّريّ الكوفيُّ، ثقةٌ [١٠](٢٤٣) وله إحدى وتسعون سنةً (عخ م ٤) تقدم في "الإيمان" ٦٤/ ٣٦٥.
٢ - (أَبُو الأَحْوَصِ) سلّام بن سُليم الحنفيّ مولاهم، الكوفيّ، ثقةٌ متقنٌ صاحب حديث [٧](ت ١٧٩)(ع) تقدم في "الإيمان" ٤/ ١١٥.
والباقيان ذُكرا في الباب.
وقوله:(بِهَذَا الْإِسْنَادِ) الإشارة إلى إسناد منصور المذكور قبله، وهو: عن سعد بن عُبيدة، عن أبي عبد الرَّحمن السُّلميّ، عن عليّ -رضي الله عنه-.