للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وهذا مثل قوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢)} [يس: ٨٢]، وقوله تعالى: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٤٠)} [النحل: ٤٠].

وفي "مسند البزار" بإسناد فيه نظر، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "خزائن الله الكلام، فإذا أراد الله شيئًا قال له: كن فكان"، فهو سبحانه إذا أراد شيئًا من عطاء، أو عذاب، أو غير ذلك قال له: كن فيكون، فكيف يُتصور أن ينقص هذا؟ وكذلك إذا أراد أن يخلق شيئًا قال له: كن فيكون، كما قال: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٥٩)} [آل عمران: ٥٩].

وفي بعض الآثار الإسرائيلية: أوحى الله تعالى إلى موسى - عليه السلام -: يا موسى لا تخافنّ غيري ما دام لي السلطان، وسلطاني دائم، لا ينقطع، يا موسى لا تهتمنّ برزقي أبدًا، ما دامت خزائني مملوءة، لا تفنى أبدًا، يا موسى لا تأنس بغيري، ما وجدتني أنيسًا لك، متى طلبتني وجدتني، يا موسى لا تأمن مكري، ما لم تَجُز الصراط إلى الجنة، وقال بعضهم [من البسيط]:

لَا تَخْضَعَنَّ لِمَخْلُوقٍ عَلَى طَمَعٍ … فَإِنَّ ذَاكَ مُضِرٌّ مِنْكَ بِالدِّينِ

وَاسْتَرْزِقِ اللَّهَ مِمَّا فِي خَزَائِنِهِ … فَإِنَّمَا هِيَ بَيْنَ الْكَافِ وَالنُّونِ

وقوله: "يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها"؛ يعني: أنه سبحانه يُحصي أعمال عباده، ثم يُوَفّيهم إياها بالجزاء عليها، وهذا كقوله: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)} [الزلزلة: ٧، ٨]، وقوله: {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف: ٤٩]، وقوله: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا} [آل عمران: ٣٠]، وقوله: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ} [المجادلة: ٦].

وقوله: "ثم أوفّيكم إياها" الظاهر أن المراد: توفيتها يوم القيامة، كما قال تعالى: {وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: ١٨٥]، ويَحْتَمِل أن المراد: يوفّي عباده جزاء أعمالهم في الدنيا والآخرة، كما في قوله: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: ١٢٣]، وقد روي عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه فَسَّر ذلك بأن