للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ملكه شيئًا، فدلّ على أن ملكه كامل على أيّ وجه كان، لا يزداد، ولا يكمل بالطاعة، ولا ينقص بالمعاصي، ولا يؤثّر فيه شيئًا.

وفي هذا الكلام دليل على أن الأصل في التقوى والفجور هي القلوب، فإذا برّ القلب، واتقى برّت الجوارح، وإذا فَجَر القلب فَجَرَت الجوارح، كما قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "التقوى ههنا"، وأشار إلى صدره.

فقوله: "لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم، قاموا في صعيد واحد، فسألوني، فأعطيت كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك مما عندي، إلا كما ينقص المِخْيَط إذا أُدخل البحر"، المراد بهذا ذِكْر كمال قدرته سبحانه، وكمال ملكه، وأن ملكه، وخزائنه لا تنفذ، ولا تنقص بالعطاء، ولو أَعطى الأولين والآخرين، من الجنّ والإنس جميع ما سألوه في مقام واحد، وفي ذلك حثّ الخلق على سؤاله، وإنزال حوائجهم به، وفي "الصحيحين" عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "يَدُ الله ملأى، لا تغيضها نفقةٌ، سحّاءُ الليلَ والنهارَ، أفرأيتم ما أنفق ربكم منذ خلق السماوات والأرض؟ فإنه لم يَغِضْ ما في يمينه".

وفي "صحيح مسلم" عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا دعا أحدكم، فلا يقل: اللَّهُمَّ اغفر لي إن شئت، ولكن ليعزم، ولْيُعَظِّم الرغبةَ، فإن الله لا يتعاظمه شيء".

وقال أبو سعيد الخدريّ: "إذا دعوتم الله، فارفعوا في المسألة، فإن ما عنده لا يُنفِده شيء، وإذا دعوتم فاعزموا، فإن الله لا مستكرِه له".

وفي بعض الآثار الإسرائيليّة: يقول الله - عز وجل -: أَيُؤَمَّل غيري للشدائد، والشدائد بيدي، وأنا الحيّ القيوم، ويُرجَى غيري، ويُطرق بابه بالبكرات، وبيدي مفاتيح الخزائن، وبابي مفتوح لمن دعاني، من ذا الذي أمّلني لنائبة، فقطعت به؟ أو من ذا الذي رجاني لعظيم، فقطعت به؟ أو من ذا الذي طرق بابي، فلم أفتحه له؟ أنا غاية الآمال، فكيف تنقطع الآمال دوني، أبخيل أنا فيُبْخِلني عبدي؟ أليس الدنيا والآخرة، والكرم والفضل كله لي؟ فما يمنع المؤملين أن يؤمّلوني؟، لو جمعت أهل السماوات والأرض، ثم أعطيت كل واحد منهم ما أعطيت الجميع، وبَلَّغت كل واحد أمَله، لم ينقص ذلك من