للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

له بخُلق الفهد ما قد يَحْتَمِل الذم من جهة كثرة النوم رَفَعَت اللَّبس بوصفها له بخُلق الأسد، فأفصحت أن الأول سجية كرم، ونزاهة شمائل، ومسامحة في العشرة، لا سجية جُبْن وجَوْر في الطبع.

قال عياض (١): وقد قلب الوصف بعض الرواة -يعني: كما وقع في رواية الزبير بن بكار- فقال: إذا دخل أَسِد، وإذا خرج فَهِد، فإن كان محفوظًا؛ فمعناه: أنه إذا خرج إلى مجلسه كان على غاية الرزانة والوقار، وحسن السمت، أو على الغاية من تحصيل الكسب، وإذا دخل منزله كان متفضلًا مواسيًا؛ لأن الأسد يوصف بأنه إذا افترس أكل من فريسته بعضًا، وترك الباقي لمن حوله من الوحوش، ولم يهاوشهم عليها.

وزاد في رواية الزبير بن بكار في آخره: "ولا يرفع اليوم لغد"؛ يعني: لا يدّخر ما حصل عنده اليوم من أجل الغد، فكَنَتْ بذلك عن غاية جوده، ويَحْتَمِل أن يكون المراد أنه يأخذ بالحزم في جميع أموره، فلا يؤخّر ما يجب عمله اليوم إلى غده.

(قَالَتِ السَّادِسَةُ: زَوْجِي إِنْ أَكَلَ لَفَّ) أرادت أنه يكثر الأكل، ويستقصيه حتى لا يترك منه شيئًا، وقال أبو عبيد: اللفّ: الإكثار مع التخليط، يقال: لفّ الكتيبة بالأخرى: إذا خلطها في الحرب، ومنه اللفيف من الناس، فأرادت أنه يخلط صنوف الطعام من نهمته وشرهه، ثم لا يُبقي منه شيئًا، وحكى عياض رواية من رواه: "رَفّ" بالراء بدل اللام، قال: وهي بمعناها، ورواية من رواه "اقتفّ" بالقاف، قال: ومعناه التجميع، قال الخليل: قُفّانُ (٢) كل شيء جُمَّاعهُ واستيعابه، ومنه سمّيت القفة لِجَمْعها ما وُضع فيها.

وفي رواية عمر بن عبد الله، عند النسائيّ: "إذا أكل اقتَفَّ"، وفيه: "وإذا نام" بدل "اضطجع"، وزاد: "وإذا ذَبَح اغتثّ"؛ أي: تحرى الغثّ، وهو الهزيل، كما تقدم في شرح كلام الأولى، بدل "يولج".


(١) "بغية الرائد" ص ٧٨.
(٢) وقع في النسخة: "قفاف" بفاءين، والذي في "القاموس"، و"شرحه": "قُفّان" بالنون، فليُتنبّه، والله أعلم.