للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

شرح الحديث:

(عَنْ أنسِ بْنِ مَالِكٍ) - رضي الله عنه - أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أُتِيتُ) بالبناء للمفعول، أي: أتاني الملائكة، (فَانْطَلَقُوا بِي) أي: ذهبوا بي (إِلَى زَمْزَمَ) أي: إلى بئر زمزم، وهو البئر المعروفة في المسجد الحرام بمكة، وهي لا تنصرف؛ للعلميّة والتأنيث، ويقال: ماءٌ زَمْزَمٌ، وزَمْزَامٌ، وزُوَازِمُ، وزُوَزِمُ: إذا كان بين الملح والعَذْب، وقد ذكر بعض اللغويين لها أسماءً كثيرة، منها: مَكْتُومةُ، ومَضْنُونةُ، وشُبَاعَةُ، وسُقيا، والرِّواءُ، ورَكْضة جبريل، وهَزْمَةُ جِبريل، وشِفَاءُ سُقْم، وطَعامُ طُعْم، وحَفِيرةُ عبد المطّلب (١).

وذكر صاحب "تاج العروس" أنه جمع لها من كتب الحديث وكتب اللغة أسماء تنيف على ستّين اسمًا (٢).

(فَشُرِحَ عَنْ صَدْرِي) بالبناء للمفعول، أي: شُقّ، كما في الرواية التالية، (ثُمَّ غُسِلَ) بالبناء للمفعول أيضًا (بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ أُنْزِلْتُ") بالبناء للمفعول أيضًا، قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هو بإسكان اللام، وضمّ التاء هكذا ضبطناه، وكذا هو في جميع الأصول والنُّسَخ. انتهى.

وقال القاضي عياض - رَحِمَهُ اللهُ -: كذا رويناه عن جميعهم بضمّ الهمزة، وكسر الزاي، وضمّ التاء، وحَكَى لنا بعض شيوخنا عن القاضي أبي الوليد الوَقَّشِيّ - وكان أكثر اعتنائه بأمثال هذه الألفاظ المشكلة، والجسارة على تقويمها بزعمه وإصلاحها - أن اللفظة وَهَمٌ من الرواة وتصحيفٌ، وصوابها: "ثُمّ تُرِكتُ"، فعَرضتُ هذا على شيخنا أبي الحسين بن سِرَاج الحافظ اللغويّ، فقال لي: هذا تكلّف، و"أُنزلتُ" بمعنى تُرِكتُ في كلام العرب معروفٌ (٣)، فاتّفقا في المعنى واختلفا في صحّة اللفظ.

قال: ثم ظهر لي أنا بعد ذلك أن "أُنزلتُ" على بابها المستعمل الذي هو ضدّ "رُفِعتُ"، ألا تراه كيف قال في أول الحديث: "انطلقوا بي"؟ أي: رفعوه من مضجعه وحملوه إلى حيث فُعِل به هذا، ثم رُدّ إلى مكانه وأُنزل في مضجعه.


(١) راجع: "لسان العرب" ١٢/ ٢٧٥.
(٢) راجع: "تاج العروس" ٨/ ٣٢٨.
(٣) قال في "المصباح" ٢/ ٦٠١: ونَزَلتُ عن الحقّ: تركته. انتهى.