للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فإن ذلك لا يخفى عليه إلى هذه المدّة، فهذا هو الصحيح - والله أعلم - في معناه، ولم يذكر الخطابيّ في "شرح البخاريّ" وجماعة من العلماء غيرَهُ، وإن كان القاضي قد ذكر خلافًا، أو أشار إلى خلاف في أنه استَفْهَمَ عن أصل البعث، أو عما ذكرتُهُ، قال القاضي: وفي هذا أن للسماء أبوابًا حقيقيةً، وحفظةً مُوَكَّلين بها، وفيه إثبات الاستئذان، والله أعلم. انتهى.

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "وقد بُعث إليه" هو استفهام من الملائكة عن بعث النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وإرساله إلى الخلق، وهذا يدلّ على أنهم لم يكن عندهم علمٌ من وقت إرساله؛ لكونهم مستغرقين بالعبادة، لا يَفترون عنها، وقيل: معناه استفهامهم عن إرسال الله تعالى إليه بالعروج إلى السماء. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: القول الثاني هو الأظهر، والله تعالى أعلم.

(قَالَ) جبريل - عَلَيْهِ السَّلَامُ - (قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ) أي: بالصعود، (فَفُتِحَ لَنَا) بالبناء للمفعول، أي: فتح خازن السماء باب السماء لأجلنا، (فَإِذَا أَنَا) "إذا" هي الفُجائيّة، (بِآدَمَ) أبي البشر؛ (فَرَحَّبَ بِي) أي: قال لي بعد ردّ السلام: مرحبًا بالابن الصالح، والنبيّ الصالح، كما سيأتي في الروايات الأخرى، يقال: رَحّب به ترحيبًا: إذا دعاه إلى الرُّحْب، بالضمّ؛ أي: المكان الواسع، (وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ) قال القاري: يحتمل أن يكون المراد قوله: "ولنعم المجيءُ جاء"، وأن يكون غيره غيرَ مُبيَّن. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: الاحتمال الأول مما لا يخفى بُعده فتفطّن، والله تعالى أعلم.

(ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَة، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -) الباب، (فَقِيلَ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم -، قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ بُعِثَ إِلَيْه، فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أَنَا بِابْنَيِ الْخَالَةِ: عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، وَيَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّاءَ، صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا) قال الأزهريّ: قال ابن السّكِّيت: يقال: هما ابنا عَمٍّ، ولا يقال: ابنا خال، ويقال: هما ابنا خالة، ولا يقال: ابنا عمة. انتهى.

(فَرَحَّبَا، وَدَعَوَا لِي بِخَيْرٍ، ثُمَّ عَرَجَ بِي) وفي نسخة: "بنا" (إِلَى السَّمَاءِ


(١) "المفهم" ١/ ٣٨٩.
(٢) "المرقاة" ١٠/ ١٦٧.