للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

٣ - (ومنها): أن في قوله: "المغيّرات خلق الله"، بيان سبب النهي عن هذه الأمور، وهو تغيير خلق الله تعالى، وأيضًا ففيه تزويرٌ، وتدليس.

قال الطبري - رَحِمَهُ اللهُ -: لا يجوز للمرأة تغيير شيء من خلقتها، التي خلقها الله عليها، بزيادة أو نقص؛ التماسَ الحُسن، لا للزوج، ولا لغيره؛ كمن تكون مقرونة الحاجبين، فتزيل ما بينهما، تُوهِم البَلَج، أو عكسه، ومن تكون لها سن زائدة، فتقلعها، أو طويلة فتقطع منها، أو لحية، أو شارب، أو عَنفَقَة، فتزيلها بالنتف، ومن يكون شعرها قصيرًا، أو حقيرًا، فتطوّله، أو تغزره بشعر غيرها، فكل ذلك داخل في النهي، وهو من تغيير خلق الله تعالى، قال: ويستثنى من ذلك ما يحصل به الضرر، والأذية؛ كمن يكون لها سن زائدة، أو طويلة، تعيقها في الأكل، أو إصبع زائدة تؤذيها، أو تؤلمها، فيجوز ذلك، والرجل في هذا الأخير كالمرأة.

وقال النووي: يُستثنَى من النماص ما إذا نبت للمرأة لحية، أو شارب، أو عنفقة، فلا يحرم عليها إزالتها، بل يستحب. قال الحافظ: وإطلاقه مقيَّد بإذن الزوج وعِلْمه، وإلا فمتى خلا عن ذلك مُنع؛ للتدليس.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: إن ما قاله النوويّ، ووافقه عليه الحافظ مقيّدًا بإذن الزوج يحتاج إلى دليل، فإن وُجد، وإلا فما قاله الطبريّ هو الحقّ، فتنبّه. والله تعالى أعلم.

وقال بعض الحنابلة: إن كان النمص أشهرَ شِعار للفواجر امتنع، وإلا فيُكره تنزيهًا، وفي رواية: يجوز بإذن الزوج، إلا إن وقع به تدليس فيَحْرُم، قالوا: ويجوز الْحَفّ والتحمير، والنقش، والتطريف، إذا كان بإذن الزوج؛ لأنه من الزينة. وقد أخرج الطبري من طريق أبي إسحاق، عن امرأته، أنها دخلت على عائشة، وكانت شابة يعجبها الجمال، فقالت: المرأة تَحُفّ جبينها لزوجها؟ فقالت: أميطي عنك الأذى ما استطعت. وقال النووي: يجوز التزين بما ذُكر إلا الحَفّ، فإنه من جملة النماص. ذكره في "الفتح" (١).

٤ - (ومنها): ما قاله القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وقول ابن مسعود - رضي الله عنه - للمرأة: "وما


(١) "الفتح" ١٣/ ٤٤٧، كتاب "اللباس" رقم (٥٩٣١).