للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

طائفة: أن غايته أربعون، فلا يُزاد عليه. وبه قال الشافعيُّ من الفقهاء، والإجماع: على أنَّه لا يزاد على الثمانين.

فإن قيل: كيف يكون تعزيرًا، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُجلَدُ أحدٌ فوق عشرة أسواطٍ إلا في حدٍّ من حدود الله"؟ فمقتضى هذا: أن لا يُزاد في التعزير على العشرة، وبه قال من يأتي ذكره بعد هذا - إن شاء الله تعالى - فالجواب: أنَّه سيأتي الكلام على ذلك الحديث. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: أجاب القرطبيّ (٢) عن هذا الحديث بأنه خرج على أغلب ما يُحتاج إليه في ذلك الزمان.

قال الجامع: هذا الجواب لا يرتاح له الخاطر، وعندي الأَولى أن نقول يُستثنى منه شارب الخمر، فإنه قد ثبت النصّ فيه بأكثر من عشرة أسواط، والله تعالى أعلم.

(قَالَ) أنس (وَفَعَلَهُ)؛ أي: الجَلد المذكور، (أَبُو بَكْرٍ) الصدّيق - رضي الله عنه - في خلافته، (فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ)؛ أي: في خلافته، فـ "كان" هنا تامّة؛ أي: جاء عمر، ويَحْتَمِل أن تكون ناقصةً، ويقدّر خبرها؛ أي: خليفةً، وقال ابن دقيق العيد رحمهُ اللهُ: قوله: "فلما كان عمر" يجوز أن يكون على حذف مضاف؛ أي: فلما كان زمن ولاية عمر - رضي الله عنه -. انتهى (٣).

(اسْتَشَارَ النَّاسَ)؛ أي: طلب منهم إبداء رأيهم في ذلك، يقال: شاورته في كذا، واستشرته: راجعته لأرى رأيه فيه، فأشار عليّ بكذا؛ أي: أراني ما عنده فيه من المصلحة، فكانت إشارةً حسنةً، والاسم الْمَشُورة،. وفيها لغتان: سكون الشين، وفتح الواو، والثانية: ضمّ الشين، وسكون الواو، وزانُ معونة، ويقال: هي من شار الدابّةَ: إذا عَرَضَها في الْمِشْوَار (٤)، ويقال: من شُرْتُ العسلَ، شُبِّهَ حُسنُ النصيحة بشرب العسل، قاله الفيّوميّ (٥).


(١) "المفهم" ٥/ ١٢٩ - ١٣١.
(٢) راجع كلامه في "المفهم" ٥/ ١٣٨ - ١٣٩.
(٣) "إحكام الأحكام" ٤/ ٣٧٧ بنسخة الحاشية "العدّة".
(٤) "المِشوار" بكسر الميم: المكان الذي تُجرى فيه الدابة عند عرضها للبيع.
(٥) "المصباح المنير" ١/ ٣٢٧.