خاصّة، كالمنيحة: لعطية الشاة لِلَّبن، والإفقار: لما رُكِب فقاره، والإخبال: لما ينتفع به من المال.
قال القرطبيّ: فقد حصل من نقل أهل اللغة: أن العرية عطية؛ لا بيعٌ، ولما ثبتٌ ذلك فسَّر مالك، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، والأوزاعيّ العرية المذكورة في الحديث: بأنَّها إعطاء الرَّجل من جملة حائطه نخلة أو نخلتين عامًا، على ما تقتضيه اللغة، غير أنهم اختلفوا في شروط كثيرة، وأحكام متعددة، وحاصل مذهب مالك في العرية: أنها عطية ثمرة نخلة أو نخلات من حائط، فيجوز لمن أُعطيها أن يبيعها إذا بدا صلاحها من كل أحد بالعين، والعروض، ومن معطيها خاصة بخرصها تمرًا، وذلك بشروط:
أحدها: أن تكون أقل من خمسة أوسقٍ، وفي الخمسة خلاف.
وثانيها: أن تكون بخرصها من نوعها ويابسها نخلًا، وعنبًا، وفي غيرهما مما يوصق، ويدَّخَر للقوت، خلاف.
وثالثها: أن تقوَّم بالخرص عند الجداد.
ورابعها: أن يكون المشترَى جملتها، لا بعضها.
وخامسها: أن يكون بيعها عند طيبها، فلو باعها من الْمُعْرِي قبل ذلك على شرط القطع لم يجز، لتعدِّي محل الرُّخصة.
وأما الشافعيّ: فالعرية عنده: بيع الرُّطب في رؤوس النخل بتَمْر مُعَجَّل، فلم يُعَرِّج على اللغة المعروفة فيها، وكانه اعتمد في مذهبه على تفسير يحيى بن سعيد راوي الحديث، فإنه قال: العرية: أن يشتري الرجل ثمر النخلات لطعام أهله رطبًا بخرصها تمرًا، وهذا لا ينبغي أن يعوَّل عليه؛ لأن يحيى بن سعيد ليس صحابيًّا، فيقال: فهمه عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ولا رفعه للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ولا يثبت به عرف غالب شرعيّ حتى يرجِّحه على اللغة، وغايته: أن يكون رأيًا ليحيى، لا رواية له، ثم يعارضه تفسير ابن إسحاق، فإنه قال: العرايا: أن يهب الرجل للرجل النخلات، فيشقّ عليه أن يقوم عليها، فيبيعها بمثل خرصها، ثم هو عين المزابنة المنهيّ عنها، ووضع رخصة في موضع لا تُرهق إليه حاجة وَكِيدة، ولا تندفع بها مفسدة، فإن المشتري لها بالتمر متمكن من بيع تمره بعين أو عروض، ويشتري بذلك رطبًا، فإن قيل: قد يتعذَّر هذا، قيل: فأَجِز بيع الرُّطب