للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

على دينه، وقوله: {وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ}، قال الضحاك، عن ابن عباس في هذه الآية، قال: يُخْلَص التوحيد دئه، وقال الحسن، وقتادة، وابن جرير: {وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ}، أن يقال: لا إله إلا الله، وقال محمد بن إسحاق: ويكون التوحيد خالصًا لله، ليس فيه شركٌ، ويُخْلَع ما دونه من الأنداد، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: {وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ}، لا يكون مع دينكم كفرٌ، ويشهد لهذا ما ثَبَتَ في "الصحيحين" من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحقها، وحسابهم على الله عزَّ وجلَّ".

وأخرجا من حديث أبي موسى الأشعريّ - صلى الله عليه وسلم - قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يقاتل شجاعةً، ويقاتل حميةً، ويقاتل رياءً، أَيُّ ذلك في سبيل الله عزَّ وجلَّ؟ فقال: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فهو في سبيل الله عزَّ وجلَّ" (١).

(فَقَالَ سَعْدٌ) بن أبي وقّاص - رضي الله عنه - ردًّا على إنكاره (قَدْ قَاتَلْنَا) أي الكفّار (حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ) أي حتى لا يَفْتِن الكفّار المؤمنين (وَأَنْتَ وَأَصْحَابُكَ) يريد الذين يتقاتلون بينهم، لا للكفر، بل لأغراض أخرى بتأويل، أو بغير تأويل، فسعد - رضي الله عنه - ممن لم ير القتال معهم (تُرِيدُونَ أَنْ تُقَاتِلُوا حَتَّى تَكُونُ فِتْنَةٌ) أي حتى توجد الفتنة بين المسلمين.

[تنبيه]: هذا الذي جرى بين سعد بن أبي وقّاص - رضي الله عنه - وبين الرجل، قد جرى مثله لعبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -، وذلك فيما أخرجه الإمام البخاريّ رحمه الله تعالى في "صحيحه"، فقال:

(٤١٥٣) حدثنا محمد بن بشار، حدثنا عبد الوهاب، حدثنا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر - رضي الله عنهما -، أتاه رجلان في فتنة ابن الزبير، فقالا: إن الناس صَنَعُوا، وأنت ابن عمر، وصاحب النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فما يمنعك أن تَخْرُج؟ فقال: يمنعني أن الله حَرَّم دم أخي، فقالا: ألم يقل الله: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ}؟ فقال: قاتلنا حتى لم تكن فتنة، وكان الدين لله، وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة، ويكون الدين لغير الله.


(١) "تفسير ابن كثير" ٧/ ٧٥ - ٧٨.