للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

طُرُق أبي سعيد، والمأزم بكسر الزاي: المضيق بين الجبلين، وقد يُطلق على الجبل نفسه.

قال صاحب "المرعاة": كذا قال الحافظ في شرح حديث أنس في "باب حرم المدينة"، وفيه نظرٌ، فإنه ليس عند كل جبل لابة، ولا أن لابتيها من جهة الجنوب والشمال، وجبليها من جهة المشرق والمغرب، بل الحقيقة أن حديث "ما بين لابتيها" يعني من جهة المشرق والمغرب، فإن من جهة المشرق حرّة، ومن جهة المغرب أخرى، وحديث "ما بين جبليها"، يعني الحرتين الجنوبية والشمالية.

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: للمدينة لابتان: شرقية وغربية، وهي بينهما، قال: والمراد باللابتين الحرتان، قال: وهذه الأحاديث كلها متفقةٌ، فما بين لابتيها بيان لحدّ حَرَمها من جهتي المشرق والمغرب، وما بين جبليها لحدّه من جهة الجنوب والشمال.

وقال الحافظ في باب لابتي المدينة في شرح حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-: "ما بين لابتيها حرام": إن المدينة بين لابتين: شرقية وغربية، ولها لابتان أيضًا من الجانبين الآخرين، إلا أنهما يرجعان إلى الأُوليين؛ لاتصالهما بهما.

والحاصل أن جميع دُورها كلها داخل ذلك. انتهى.

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ومعنى قوله: "ما بين لابتيها"، للابتان وما بينهما، والمراد تحريم المدينة، ولابتيها؛ يعني أن اللابتين داخلتان أيضًا، قال الأبيّ: ولعلها بدليل آخر، وإلا فلفظ "بين" لا يشملهما. انتهى (١).

وقوله: (أَنْ يُقْطَعَ عِضَاهُهَا) ببناء الفعل للمفعول، بدل اشتمال من المفعول، وتقدّم معنى العِضَاه (أَوْ يُقْتَلَ صَيْدُهَا") ببناء الفعل للمفعول أيضًا.

(وَقَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("الْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ) قال القاري -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أي: لأهلها، من المؤمنين في الدنيا والآخرة، وذلك مطلق إن كان قبل الفتح، ومُقَيَّد بغير مكة إن كان بعده، أو المراد بالخيرية من جهة بركة المعيشة، فلا ينافي بركة الفضيلة الزائدة الثابتة لمكة بالأحاديث الصحيحة الصريحة. انتهى.


(١) راجع: "المرعاة" ٩/ ٥١٢ - ٥١٥.