لي، ولم يُحلّها للناس". وفي مرسل عطاء بن يزيد، عند سعيد بن منصور: "فلا يستنّ بي أحد، فيقول: قتل فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" (فَقُولُوا لَهُ: إِنَّ اللهَ أَذِنَ لِرَسُيولهِ) - صلى الله عليه وسلم - (وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ، وَإِنَّمَا أَذِنَ) بفتح أوله، والفاعل "الله"، ويروى بضمة على البناء للمفعول.
والحاصل أن استدلاله باطل بوجهين: من جهة الخصوص، وعدم البقاء.
وقوله (لِي) التفات؛ لأن نسق الكلام: وإنما أذن له؛ أي: لرسوله - صلى الله عليه وسلم - (فِيهَا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ) أي: مقدارًا من الزمان، وهو ما بين طلوع الشمس، وصلاة العصر، وفي "مسند أحمد"، من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه: "لما فتحت مكة، قال: كفّوا السلاح، إلا خزاعة عن بني بكر، فأذن لهم حتى صلى العصر، ثم قال: كفوا السلاح، فلقي رجل من خزاعة رجلًا من بني بكر من غد بالمزدلفة، فقتله، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقام خطيبًا، فقال - ورأيته مسندًا ظهره إلى الكعبة … "، فذكر الحديث.
ويستفاد منه أن قتل من أذن النبيّ في قتلهم -كابن خطل- وقع في الوقت الذي أبيح للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيه القتال، خلافًا لمن حَمَل قوله: "ساعة من النهار" على ظاهره، فاحتاج إلى الجواب عن قصّة ابن خطل.
(وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا) أي: الحكم الذي في مقابلة إباحة القتال المستفاد من لفظ الإذن (الْيَوْمَ) المراد به الزمن الحاضر، وقد بيّن غايته في رواية ابن أبي ذئب المذكورة بقوله: "ثم هي حرام إلى يوم القيامة"، وكذا في حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- المتقدّم بقوله: "فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة" (كَحُرْمَتِهَا بِالْأَمْسِ) وكتب السنديّ -رحمه الله- على قوله: "وقد عادت حرمتها إلخ" ما نصّه: كناية عن عودة حرمتها بعد تلك الساعة كما كانت قبل تلك الساعة، فلا إشكال بأن الخطبة كانت في الغد من يوم الفتح، وعود الحرمة كان بعد تلك الساعة، لا في الغد، فما معنى اليوم، ولا بأن أمس هو يوم الفتح، وقد رُفعت الحرمة فيه، فكيف قيل: "كحرمتها بالأمس"؟
ويَحْتَمِل أن يقال: "اليوم" ظرف للحرمة، لا للعود، ومعنى "كحرمتها" أي: كرفع حرمتها؛ أي: العود كالرفع، حيث كان كلّ منهما بأمره تعالى، والله