فَنَادَى يَوْمَئِذٍ نِدَاءَيْنِ، لَمْ يَخْلِطْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، قَالَ: فَالْتَفَتَ عَنْ يَمِينِهِ، فَقَالَ: (يَا مَعْشَرَ الْأنصَارِ"، فَقَالُوا: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، أَبْشِرْ نَحْنُ مَعَكَ، قَالَ: ثُمَّ الْتَفَتَ عَنْ يَسَارِهِ، فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ الْأنصَارِ؟ " قَالُوا: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، أَبْشِرْ نَحْنُ مَعَكَ، قَالَ: وَهُوَ عَلَى بَغْلَةٍ بَيْضَاءَ، فَنَزَلَ، فَقَالَ: "أنَا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ - صلى الله عليه وسلم -، فَانْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ، وَأَصَابَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - غَنَائِمَ كَثِيرَةً، فَقَسَمَ فِي الْمُهَاجِرِينَ، وَالطُّلقَاءِ، وَلَمْ يُعْطِ الأنصَارَ شَيْئًا، فَقَالَتِ الْأنصَارُ: إِذَا كَانَتِ الشِّدَّةُ، فَنَحْنُ نُدْعَى، وَتُعْطَى الْغَنَائِمُ غَيْرَنَا، فَبَلَغهُ ذَلِكَ، فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ، فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ الْأنصَارِ، مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ؟ " فَسَكَتُوا، فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ الْأنصَارِ، أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا، وَتَذْهَبُونَ بِمُحَمَّدٍ، تَحُوزُونَهُ إِلَى بُيُوتكُمْ؟ " قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، رَضِينَا، قَالَ: فَقَالَ: "لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا، وَسَلَكَتِ الأنصَارُ شِعْبًا، لَأَخَذْتُ شِعْبَ الأنصَارِ"، قَالَ هِشَامٌ: فَقُلْتُ: يَا أبا حَمْزَةَ، أنْتَ شَاهِدٌ ذَاكَ؟ قَالَ: وَأينَ أَغِيبُ عَنْهُ؟).
رجال هذا الإسناد: ستّةٌ:
١ - (إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ) الساميّ البصريّ، نزيل بغداد، ثقةٌ حافظٌ، تكلّم أحمد في بعض سماعه [١٠] (ت ٢٣١) (م د س) تقدم في "المساجد ومواضع الصلاة" ٣١/ ١٣٩٤.
٢ - (مُعَاذُ بْنُ مُعَاذِ) بن نصر بن حسّان الْعَنْبريّ، أبو المثنّى البصريّ، ثقةٌ متقنٌ، من كبار [٩] (ت ١٩٦) (ع) تقدم في "المقدمة" ٣/ ٧.
٣ - (ابْنُ عَوْنٍ) هو: عبد الله بن عون بن أَرْطبان، أبو عون البصريّ، ثقةٌ ثبتٌ فاضلٌ [٥] (١٥٠) (ع) تقدّم في "شرح المقدّمة" جـ ١ ص ٣٠٣.
٤ - (هِشَامُ بْنُ زَيْدِ بنِ أنسِ) بن مالك الأنصاريّ البصريّ، ثقةٌ [٥] (ع) تقدم في "الحيض" ٦/ ٧١٤.
والباقيان ذُكرا قبله.
وقوله: (بِذَرَارِيِّهِمْ) -بتشديد الياء، وتخفيفها- وكانت عادتهم إذا أرادوا الثبات في القتال استصْحَبُوا الأهالي وثَقَلَهم معهم إلى موضع القتال.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute