للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فهذا الحديث يدلّ على أن من تصدّق، وهو محتاج يردّ عليه، ولا تنفذ صدقته.

وقال آخرون: يجوز من الثلث، ويُردّ عليه الثلثان، وهو قول الأوزاعيّ، ومكحول. وعن مكحول أيضًا يُردّ ما زاد على النصف.

قال الطبريّ رحمه الله: والصواب عندنا الأول، من حيث الجواز، والمختار من حيث الاستحباب أن يجعل ذلك من الثلث، جمعًا بين قصّة أبي بكر، وحديث كعب. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن ما قال الإمام البخاريّ رحمه الله هو الأرجح، وحاصله أن من تصدّق بماله، وهو محتاجٌ، أو أهله، أو عليه دينٌ، بطلت صدقته، إلا أن يكون معروفًا بالصبر، كفعل أبي بكر -رضي الله عنه-، وبهذا تجتمع الأدلّة، من غير تعارض، فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله المذكور أولَ الكتاب قال:

[٢٣٨٧] (١٠٣٥) - (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدٍ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِطِيبِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى").

رجال هذا الإسناد: سبعة:

١ - (أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ) تقدّم في الباب الماضي.

٢ - (عَمْرٌو النَّاقِدُ) هو: عمرو بن محمد بن بُكير، تقدّم قريبًا.

٣ - (سُفْيَانُ) بن عيينة الإمام الحجة الثبت الفقيه، رأس [٨] (ت ١٩٨) تقدّم في "شرح المقدّمة" جـ ١ ص ٣٨٣.


(١) راجع "الفتح" ٤/ ٤٥ - ٤٧.