للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

رسول الله، إن من تمام توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله، وإلى رسوله -صلى الله عليه وسلم-، قال: "أمسك عليك بعض مالك، فهو خيرٌ لك"، قلت: أُمسِك سهمي الذي بخيبر. انتهى كلام البخاريّ رحمه الله (١).

وقال النوويّ رحمه الله: قد اختلف العلماء في الصدقة بجميع ماله، فمذهبنا أنه مستحبٌّ لمن لا دَينَ عليه، ولا له عيال لا يصبرون، ويكون هو ممن يصبر على الإضاقة والفقر، فإن لم يَجْمَع هذه الشروط فهو مكروه.

وقال القاضي عياض رحمه الله: جَوّز جمهور العلماء، وأئمة الأمصار الصدقة بجميع ماله، وقيل: يُرَدُّ جميعها، وهو مرويّ عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وقيل: يُنَفَّذ في الثلث، هو مذهب أهل الشام، وقيل: إن زاد على النصف رُدّت الزيادة، وهو محكيّ عن مكحول، قال أبو جعفر الطبريّ: ومع جوازه فالمستحب أن لا يفعله، وأن يقتصر على الثلث. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": قال الطبريّ وغيره: قال الجمهور: من تصدّق بماله كلّه في صحّة بدنه وعقله، حيث لا دينَ عليه، وكان صبورًا على الإضاقة، ولا عيال له، أو له عيالٌ يصبرون أيضًا، فهو جائزٌ، فإن فُقد شيء من هذه الشروط كُرِه، وقال بعضهم: هو مردودٌ. ورُوي عن عمر -رضي الله عنه-، حيث رَدّ على غيلان الثقفيّ قسمة ماله.

ويمكن أن يُحتجّ له بقصّة المدبّر، الذي أخرجه الشيخان، عن جابر -رضي الله عنه-، قال: أعتق رجل من بني عُذْرَة، عبدًا له، عن دبر، فبلغ ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: "ألك مال غيره؟ "، فقال: لا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من يشتريه مني؟ "، فاشتراه نعيم بن عبد الله العدوي، بثمان مائة درهم، فجاء بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فدفعها إليه، ثم قال: "ابدأ بنفسك، فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل شيء عن أهلك، فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء، فهكذا، وهكذا، يقول: بين يديك، وعن يمينك، وعن شمالك". وفي لفظ للبخاريّ: "أن رجلًا أعتق غلامًا له عن دبر، فاحتاج … " الحديث.


(١) راجع: "صحيح البخاريّ" ٤/ ٤٥ بنسخة "الفتح".
(٢) "شرح النوويّ" ٧/ ١٢٥.