للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لا يستخدمون هذه الآلات القاتلة كما هو متبع في وطن «هوجو»، كما أن ما علمه هو في أوربا سماعًا يشاهده الآن بعيني رأسه. وشاهد «هوجو» كذلك الأطباء المصريين وكيف كانوا يعالجون مشوهي الأجسام، فإذا أصيب شخص بجرح بليغ يستدعي بتر ذراعه أناموه أولا، ومن ثم خدروه عن طريق الحشيش والسكران ونبات اللفاح، وذلك بغمس قطعة من الإسفنج في خليط من سائل هذه المواد وبذلك لا يشعر المريض البتة بهذه الآلام المبرحة.

ولما عاد «هوجو» إلى وطنه عام ١٢٢١ استغل تجاربه ومعلوماته التي حصَّلها إبان حياته في غمار الحروب الصليبية معالجًا المرضى البولونيين مدة ثلاثين عامًا قضاها في وظيفته، وكان توفيقه في عمله عظيمًا جدًا، وما تعلمه عن العرب أخذ يلقنه لأبنائه وأحفاده قائلًا: في حالة الجروح يجب تجنب الالتهاب أو القيح. كما أخذ يدرس أبسط الطرق لعلاج الكسور والتخدير عند إجراء العمليات، وذلك عن طريق عقاقير مخدرة. ولما توفي وقد بلغ مائة عام ترك في بولونيا مدرسة للجراحة ظلت تعمل بتعاليمه زمنًا طويلًا، وقد خلفه عليها ابنه «تيودريش فون بورجومي»، ولما كان ابنه هذا من رجال الدين كان لا بد له من الحصول على إذن خاص لممارسة مهنة الطب والجراحة، وذلك لأن الطب كان في ذلك العصر مهنة مشينة في نظر الكنيسة، كما أراد تجنب عبارات اللوم والتقريع التي قد توجه إليه إذا ما أخفق في عملية أو أكثر من العمليات الجراحية التي قد يجريها. لكن من حسن حظ «تيودريش» أنه لم يعرف إخفاقًا في مهنته وذلك بفضل الطرق والتعاليم الجديدة التي لقنه إياها والده، لذلك أحب مهنته، كطبيب حبًا شديدًا كما ازداد إقبال الزوار على عيادته في بولونيا حتى إنه ينصرف عن إجراء عملياته الجراحية بالرغم من تعيينه أسقفًا بالقرب من «رافينا».

لكن هذه الفترة الجديدة التي بدأت بداية تبعث على الأمل قضي عليها بالإخفاق. فالكتاب الخاص بالجراحة الذي وضعه «فلهلم فوق ساليكيتو» الذي عاش مدة في بولونيا درس بها الطب، فكانت حياته امتدادًا لنشاط الشيخ «هوجو» ثم نشاط ابنه هذا الكتاب الجديد لم يذكر شيئًا عنهما، بل تجاهل حتى اسميهما.

<<  <   >  >>