للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لقد كان العالم المتواضع الذي عالج الكيمياء علاجًا علميًا حقيقيًا، وقضى على هذه الخرافات التي كان يتصور الأقدمون أنها جوهر الكيمياء السحري، أعني أن وظيفة الكيمياء هي استخراج الذهب لا أكثر ولا أقل، ومن ثم أخذ الرازي ينظر إليها على أنها علم يعني قبل كل شيء بالتجارب والتحاليل لا الشعوذة، وكان الرازي أول كيميائي استخدم هذا العلم في خدمة الطب.

وقد شاع بين الشعب أن هذا العالم الفاضل توصل إلى حجر الحكماء، وذلك لأن الرازي قد غمر شعبه بهباته وعطاياه وكرمه الحاتمي، واعتقد القوم أن هذا الثراء لا بد أن يكون مصدره حجر الحكماء الذي اهتدى إليه الرازي والذي بواسطته يستطيع أن يحول سائر المعادن إلى ذهب.

واتسع الخيال أمام الشعب حتى تصور أن الرازي يطهي طعامه في آنية ذهبية، وأن أواني المطبخ من الذهب الخالص.

والرازي الطبيب المخلص الوفي لطبه، والذي اعتقد أن الطب خلق لدعم الفضيلة والأخلاق الفاضلة، وحرص الحرص كله على الدعاية للخلق الكريم والفضيلة وبخاصة بين الأطباء، لذلك لم تمض على وفاته ستة أعوام حتى أدخل نظام الامتحان في مهنة الطب، وكان هذا الامتحان نظريًا وعمليًا. وإلى الرازي يرجع الفضل في محاربة الدخلاء والمشعوذين بين الأطباء وبذلك فرض العناية على تدريس الطب وتخريج الأطباء.

ألم يهتم الرازي -منذ أول عهده بالطب- بتثقيف طلابه وحثهم على وجوب العناية بتشخيص الأمراض، وهذا التشخيص الذي دفع اليونان منذ القدم إلى الاهتمام بتحليل البول؟

لقد هاجم الرازي الدخلاء على مهنة الطب وكان عنيفًا في هجومه فجاء بالحجج العلمية والنفسية التي تدحض بطلان دعوى أولئك المشعوذين، فقد كانوا يدعون أنهم عن طريق فحص بول المريض يستطيعون معرفة ماضي المريض وحاضره ومستقبله. وقد بلغ من خبث هؤلاء المشعوذين أنهم يرسلون من يتلصصون على المرضى وعلى أخبارهم وأحوالهم ويحيطون أولئك الأدعياء بجميع تلك

<<  <   >  >>