ويذكر عن الرازي أنه كثيرًا ما استخدم الممرضين وغيرهم لنقل المرضى إلى أصح الأماكن؛ لأنه يعتبر الهواء العليل من أحسن الأدوية وهو لديه لا يقل عن أهمية عن العقاقير النباتية التي كان يفضلها الرازي على سواها، وكان المريض يتناولها كما هي في حالتها الطبيعية. وإن لم تفد هذه العقاقير المريض استعانة عنها بالكيماويات، لذلك وضع كتابًا وأكثر في إعداد الطعام والأغذية الحمية. كما كان كثيرًا ما ينصح باستخدام طرق خاصة لإعداد الطعام الصحي المفيد فمثلا قبل طهي البقول الجافة يجب سكب الماء الذي استخدم لتطريتها حتى لا يتسبب هذا الماء في إحداث الغازات عند تناولها. وهو يقدم كذلك إرشادات أخرى للطهي وحفظ الهليون والباذنجان والبصل والخيار والفلفل الأسباني في الخل، كما يقدم الرازي أحسن النصائح لعمل المربات وبخاصة تلك المصنوعة من البرتقال والقراصيا والورد والمشمش وغيرها. وفي الحالات التي يمكن فيها شفاء المرض عن طريق الأطعمة ينصح الرازي الطبيب المعالج ألا يستخدم العقاقير، وإذا كان من الممكن استخدام الأدوية البسيطة فليتجنب المركبة.
أما إذا كان الدواء المطلوب جديدًا فتجب تجربته في الحيوانات قبل استعماله لمعرفة أثره ومفعوله الكيماوي في أعضاء جسم الإنسان. وفيما يتصل بالزئبق فالرازي يعتقد أنه غاز ضار كثيرًا، ولو أنه استخدم خطأ بسبب آلامًا مبرحة في أسفل البطن والأمعاء إلا أنه بعد ذلك لا يترك أثرًا في الجسم الذي يعود إلى حالته الطبيعية كما كان من قبل، وبخاصة إذا باشر المريض شيئًا من الحركات الرياضية، ويذكر الرازي أنه استخدمه مع شخص كان في منزله وانتهى إلى النتائج التي ذكرها، وقد تبين الرازي أن هذا الشخص كان يتلوى ويتقلب هنا وهناك كما تصطك أسنانه ويضغط بيديه على جسمه. أما الزئبق الحلو وبخاصة الزئبق المصعد ففي غاية الخطورة وهما من السموم الحادة كما يسببان آلامًا قوية في أسفل البطن وكذلك كثيرًا من المغص والبراز المختلط بالدم. أما بخار الزئبق أو الزئبق المصعد فقد يسبب أيضًا شلل الأطفال.
إن الرازي لم يكن في طليعة الأطباء فقط بل كان من أوائل الكيميائيين أيضًا،