للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشافعيُّ: وإذا حَرَّم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على من أسلم أن يطأَ (١) امرأةً وثنيةً حتى تسلم في العِدَّةِ، دلَّ ذلك على أنه لا يَطَأُ من كانَت على دينها حتى تسلم من حرة أو أَمَةٍ (٢).

وقال بجوازه طاوسٌ، ومجاهدٌ (٣).

وهو قويُّ الدلالةِ عندي معَ اتفاقِ فُقهاء الأمصارِ وسائرِ العلماءِ على خلافه؛ لأنه ما هو في الدلالةِ أقوى من القياس لا يَخُصُّ من العموم محلَّ السبب.

وقد أباح النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وطء سبايا أَوْطاسٍ، وهنَّ أصحابُ أوثان، إلا أن يثبتَ أنهنَّ لم يوطأنَ إلا بعد إسلامهن، فحينئذٍ تتضحُ الحجةُ وتقوم (٤).

ولكن لقائل أن يقول: السببُ هو الإحصانُ، لا الكفرُ، قال أبو عبد الله الشافعيُّ: ولا أحسبُ أحدًا من أصحابِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَطِئَ مسبيَّةً عربيةً حتى أسلمت (٥).


(١) في "ب": "توطأ".
(٢) انظر: "الأم" للإمام الشافعي (٥/ ١٦٤).
(٣) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (١٦/ ٢٦٦). قال ابن عبد البر: وهو قول شاذ مهجور.
(٤) روي عن أحمد: أنه سأله محمد بن الحكم قال: قلت لأبي عبد الله: هوازن أليس كانوا عبدة أوثان؟ قال: لا أدري كانوا أسلموا أو لا؟. انظر: "المغني" لابن قدامة (٧/ ١٠٣).
قال ابن عبد البر: قول ابن شهاب -وهو أعلم الناس بالمغازي والسير- دليل على فساد قول من زعم أن سبي أوطاس وطئن ولم يسلمن. انظر: "الاستذكار" (١٦/ ٢٦٨).
في إشارة منه إلى قول الأوزاعي قال: سألت الزهري عن رجل يشتري المجوسية أيطأها؟ فقال: إذا شهدت أن لا إله إلا الله وطئها.
(٥) انظر: "الأم" للإمام الشافعي (١٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>