للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ يُوسُفُ .. لَأَجَبْتُ الدَّاعِيَ".

===

ومعنى الحديث - والله أعلم -: أن لوطًا عليه السلام لما خاف على أضيافه، ولم يكن له عشيرة تمنعهم من الظالمين .. ضاق ذرعه، واشتد حزنه عليهم، فغلب ذلك عليه، فقال في تلك الحال: لو أن لي بكم قوةً في الدفع بنفسي، أو آوي إلى عشيرة تمنع .. لمنعتكم.

وقصد لوط عليه السلام إظهار العذر عند أضيافه، وأنه لو استطاع دفع المكروه عنهم بطريق ما .. لفعله، وأنه بذل وسعه في إكرامهم والمدافعة عنهم، ولم يكن ذلك إعراضًا منه عليه السلام عن الاعتماد على الله تعالى، وإنما كان لما ذكرناه؛ من تطييب قلوب الأضياف.

ويجوز أن يكون نسي الالتجاء إلى الله تعالى في حمايتهم، ويجوز أن يكون التجأ فيما بينه وبين الله تعالى، وأظهر للأضياف التألم وضيق الصدر، والله تعالى أعلم.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا في شأن يوسف بن يعقوب عليهما السلام: (ولو لبثت) ومكثت (في السجن) والحبس (طول ما لبث يوسف) عليه السلام؛ أي: لبثًا كاللبث الطويل الذي لبثه يوسف فيه؛ لأنه لبث فيه سبع سنين .. (لأجبت الداعي) لي إلى الخروج منه وما تأنيت.

و(يوسف) فيه ست لغات: ضم السين وكسرها وفتحها مع الهمز فيهن وبتركه، وهذا ثناء على يوسف عليه السلام وبيان لصبره وتأنيه.

والمراد بالداعي: رسولُ المَلِكِ الذي أخبر الله سبحانه وتعالى عنه أنه قال: {ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ} (١)، فلم يخرج يوسف مبادرًا إلى الراحة ومفارقة السجن الطويل، بل


(١) سورة يوسف: (٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>