في هذه الآيات: بثُّ الملائكة البشرى لإبراهيم عليه السلام بولد صالح وبإهلاك القوم الظالمين، ووصول الرسل إلى لوط وضيقه وخوفه عليهم حتى بشروه بهلاك القوم المفسدين، لتبقى قصتهم آية لقوم يعقلون.
أي: جمعوا له بين البشارة بولد صالح وبين إهلاك قوم لوط الذين أصروا على الظلم من كفر ومعصية.
قال ابن كثير:(لما استنْصَرَ لوطٌ -عليه السلام- الله عليهم، بعثَ الله لِنُصْرَتِه ملائكةً فَمَرُّوا على إبراهيم - عليه السلام - في هيئة أضياف، فجاءهم بما يَنْبغي لِلضَّيفِ، فلما رأى أنه لا هِمَّةَ لهم إلى الطعام نَكِرَهُم وأوجسَ منهم خيفة، فَشَرَعوا يؤانسونه ويُبَشِّرونه بوجود ولدٍ صالحٍ من امرأته سارَّة -وكانت حاضرة- فتعجَّبَت من ذلك. قال: فلما جاءت إبراهيم البُشرى، وأخبروه بأنهم أُرسِلوا لهلاكِ قوم لوطٍ، أخذَ يدافِعُ لعلهم يُنْظرون، لعل الله أن يَهديهم. ولما قالوا:{إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ}، {قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ}، أي: من الهالكين؛ لأنها كانت تُمالِئُهم على كُفْرهم وبَغْيِهم ودَبْرِهِم).
قال قتادة:(ضاق ذرعه بضيافتهم لِما علم من خُبث فعل قومه). أو قال:({وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا} بالضيافة مخافة عليهم مما يعلم من شرّ قومه).
والمقصود: أنه لما سارت الملائكة من عند إبراهيم متوجهين إلى لوط -عليهما السلام- وَرَدُوا عليه في صورة شبابٍ حسان فلما رآهم اغتَمَّ بأمرهم فإن أضافهم خشي