يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقِيَهمْ، يمرقون من الدين كما يَمْرُقُ السَّهْمُ من الرَّمِيّة، يُنْظَرُ إلى نَصْلِهِ فلا يوجدُ فيه شيءٌ، ثم يُنْظر إلى رِصَافِهِ فما يوجد فيه شيءٌ، ثم يُنْظَرُ إلى نَضِيِّهِ - وهو قِدْحُهُ - فلا يوجد فيه شيءٌ، ثم يُنْظَرُ إلى قُذَذِهِ فلا يوجَدُ فيه شيءٌ، قد سَبَقَ الفَرْثَ والدَّمَ، آيتُهُم رجلٌ أسود إحدى عَضُدَيه مِثْلُ ثَدْي المرأة أو مِثْلُ البَضْعَةِ تَدَرْدَرُ، ويخرجونَ على حين فُرْقَةٍ من الناس. قال أبو سعيد: فأشْهَدُ أنّي سمعت هذا الحديث من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأشهد أنَّ عليَّ بن أبي طالب قاتَلَهم، وأنا معه، فأمر بذلك الرَّجلِ فالتُمِسَ فَأُتِيَ به، حتى نظرت إليه، على نعت النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي نَعَتَهُ. قال: فنزلت فيهم: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ}] (١).
أي: لو رضي هؤلاء الذين نافقوا ما قسم الله لهم ورسوله من عطاء، وقالوا: كافينا الله، سيعطينا الله من فضل خزائنه، وكذلك رسوله من الصدقة وغيرها، فإننا نرغب إلى الله في التوسعة علينا وفي بسط رزقه لنا حيث نستغني عن الصدقة والناس.
قال النسفي: (جواب "لو" محذوف تقديره: ولو أنهم رضوا لكان خيرًا لهم، والمعنى: ولو أنهم رضوا ما أصابهم به الرسول من الغنيمة وطابت به نفوسهم وإن قل نصيبهم وقالوا: كفانا فضل الله وصنعه، وحسبنا ما قسم لنا، سيرزقنا غنيمة أخرى فيؤتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر مما آتانا اليوم إنا إلى الله في أن يغنمنا ويخولنا فضله لراغبون).
في هذه الآية: بيان من الله تعالى لمصارف الزكاة بعد فضح المنافقين في سلوكهم ولمزهم.
(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري في صحيحه - حديث رقم - (٣٦١٠)، (٦١٦٣)، (٦٩٣٣)، وأخرجه مسلم في الصحيح (١٠٦٤) ح (١٤٨)، وأخرجه أحمد نحوه (٣/ ٥٦، ٦٥)، وانظر: الصحيح المسند من أسباب النزول - الوادعي - سورة التوبة، آية (٥٨).