للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يعلمه إلا هو سبحانه، فإن الأعمال تتفاوت أحوالها وأوزانها عند الله.

أخرج الحاكم بسند جيد عن سلمان، عن النبي عليه الصلاة والسلام، قال: [يوضع الميزان يوم القيامة، فلو وزن فيه السماوات والأرض لَوَسِعَت، فتقول الملائكة: يا رب: لِمَنْ يزن هذا؟ فيقول الله تعالى: لمن شئت من خلقي. فتقول الملائكة: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك. ويوضع الصراط مثل حد الموسى، فتقول الملائكة: من تجيز على هذا؟ فيقول: من شئت من خلقي. فيقولون: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك] (١).

وقوله: {وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا}.

أي: وأما الذين تعظموا عن عبادته سبحانه وإفراده بالإلهية والتعظيم فينتظرهم عذاب موجع لا منقذ منه ولا دافع ولا مانع.

أخرج الإمام أحمد والترمذي بسند حسن عن عبد الله بن عمرو، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [يُحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال، يغشاهم الذل من كل مكان، يُساقون إلى سجن في جهنم يسمى بولس، تعلوهم نار الأنيار، يُسْقون من عصارة أهل النار، طينة الخبال] (٢).

١٧٤ - ١٧٥. قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (١٧٤) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (١٧٥)}.

في هذه الآيات: يا أيها الناس من كل الأصناف والملل - التي مضى ذكرها في هذه السورة - قد أتتكم حجة الله عليكم وهي نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، والوحي الذي أنزله الله عليه، فآمنوا بالله واعتصموا بمنهجه وهدي نبيّه، يدخلكم في رحمة منه تنجيكم من عقابه، ويهديكم إلى سبيل النعيم في الدنيا والآخرة.


(١) حديث صحيح. أخرجه الحاكم (٤/ ٥٨٦)، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (٩٤١).
(٢) حديث حسن. اْخوجه الترمذي (٢٤٩٢). انظر صحيح سنن الترمذي (٢٠٢٥). ورواه أحمد.
انظر تخريج المشكاة (٥١١٢)، وصحيح الجامع الصغير -حديث رقم- (٧٨٩٦)، وقد مضى.

<<  <  ج: ص:  >  >>