قوله عز وجل {وَلَا آبَاؤُنَا} عطف على المضمر المرفوع في قوله: {مَا أَشْرَكْنَا}. قيل: وأغنت زيادة (لا) عن تأكيد الضمير (١). قلت: ذلك لا يغني؛ لأن من شرط المؤكَد أن يكون قبل العاطف لا بعده، وكذلك ما يقوم مَقامه؛ لأنه فَرْعٌ عليه، وأجمل أحوال الفرع أن يقع في موقع الأصل، فأما أن يفوقه في التصرف والوقوع حيث لا يقع هو فلا، لا أعرف في ذلك خلافًا بين أهل هذه الصناعة فيما اطلعت عليه.
وقوله:{كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ} الكاف في {كَذَلِكَ} في موضع نصب على أنه نعت لمصدر محذوف، أي: كذبوا تكذيبًا مثل تكذيب مَن قبلهم.
قوله عز وجل:{هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ}(هلم) على وجهين:
أحدهما: أن يكون بلفظ واحدٍ في الواحد والتثنية والجمع والمذكر والمؤنث، فيقال: هلُمَّ يا رجل، وهلُمّ يا امرأة؛ وهلم يا رجلان، وهلم يا رجال، وهلم يا نسوة، وهو على هذا الوجه اسم للفعل، وبني لوقوعه موقع الأمر المبني.
(١) يعني أن الأصل في النحو أن يقول: ما أشركنا نحن ولا آباؤنا. وانظر هذه المسألة في معاني الزجاج ٢/ ٣٠٢، واعراب النحاس ١/ ٥٩٠، والتبيان ١/ ٥٤٦.