للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: أنهم مستمعون أخباركم للكذب، أي: يسمعون لِيَكْذِبُوا عليكم، فاللام على هذا التأويل ليست بمزيدة، وإنما هي للتعليل، والمفعول محذوف.

و{سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ} تكرير للأولى، و {لِقَوْمٍ} متعلق به، أي: لأجل قوم. وقد جوز أن يكون متعلقًا بالكذب؛ لأن {سَمَّاعُونَ} الثانية مكررة للأولى، أي: ليكذبوا لقوم آخرين (١). قيل: وهم اليهود الذين لم يَصِلوا إلى مجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢).

ومعنى {سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ}: أي: هم عُيونٌ لأولئك الغُيَّب (٣).

و{لَمْ يَأْتُوكَ}: في موضع جر على النعت لـ {قَوْمٍ}.

وقوله: {يُحَرِّفُونَ} محله النصب على الحال إمَّا من الضمير في {يُسَارِعُونَ} أو من الضمير في {قَالُوا}، أو من الضمير في {هَادُوا}، أو من الضمير {سَمَّاعُونَ}، لا من الضمير في {لَمْ يَأْتُوكَ} كما زعم بعضهم؛ لأن ذلك يكون نفيًا للتحريف عنهم، وقد أخبر الله تعالى عنهم أنهم يحرفون، ونعوذ بالله من إعراب يؤدي إلى فساد المعنى.

أو الرفع على: هم يحرفون، أو على النعت؛ أي: قوم سَمَّاعون مُحَرِّفُون، والجر على النعت لـ (قوم)؛ أي: سماعون لقوم محرفين.

ومثله: {يَقُولُونَ} على الأوجه المذكورة. ولك أن تجعل {يَقولُونَّ} حالًا من الضمير في {يُحَرِّفُونَ}.


(١) جوزه أبو البقاء ١/ ٤٣٧.
(٢) اللفظ للزمخشري ١/ ٣٣٨. وهو أحد الأقوال التي أخرجها الطبري ٦/ ٢٣٥ قال: وقال آخرون: المعنى بذلك قوم من اليهود، وكأن أهل المرأة التي بغت بعثوا بهم يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحكم فيها. والباعثون بهم هم القوم الآخرون، وهم أهل المرأة الفاجرة، لم يكونوا أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
(٣) كذا فسره الزجاج ٢/ ١٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>