للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (٣١)}:

قوله عز وجل: {فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ} (يبحث): في موضع نصب على الصفة لغراب. {لِيُرِيَهُ}: المستكن في {لِيُرِيَهُ} لله تعالى، أو للغراب، والهاء لقابيل، أي: ليريه الله، أو ليريه الغراب، أي: ليعلِّمه، لأنه لما كان سَبَبَ تعليمِه، فكأنه قصد تعليمه على سبيل المجاز.

{كَيْفَ يُوَارِي}: الجملة في موضع نصب على أنها مفعول ثان ليري.

{سَوْءَةَ أَخِيهِ} والسوءة يعني بها هنا العورة، وما لا يجوز أن يتكشف من جسد الإِنسان، وقيل: يعني بها جيفة المقتول (١).

وقوله: {يَاوَيْلَتَا} الجمهور على قلب ياء الإِضافة ألفًا لخفتها، وقرئ: (يا ويلتي) مضافًا على الأصل (٢)، وكلتاهما لغة شائعة (٣).

والويل: كلمة يستعملها الإنسان عند تَنَدُّمٍ، أو عند شدة، قال صاحب الكتاب - رحمه الله -: الويل كلمة تقال عند الهَلَكَة، انتهى كلامه (٤). وقد تدخل عليها الهاء فيقال: وَيْلَةٌ، قال مالك بن جعدة (٥):


(١) المعنيان عند الماوردي ٢/ ٣٠، وابن الجوزي ٢/ ٣٣٨.
(٢) نسبها النحاس في إعرابه ١/ ٤٩٣، وابن عطية في المحرر ٥/ ٨٣ إلى الحسن بن أبي الحسن رحمه الله.
(٣) قال النحاس: الأول أفصح، لأن حذف الياء في النداء أكثر.
(٤) الكتاب ١/ ٣٣١. وحكاه عنه الزجاج ٢/ ١٦٨.
(٥) هو التغلبي كما في معجم الشعراء/ ٣٦٤/، والصحاح (ويل). ويظهر أنه شاعر إسلامي، لأن المرزباني قال: هجا المختار بن أبي عبيد، فرد عليه الطرماح.

<<  <  ج: ص:  >  >>