للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي بيع الرطب على رؤوس النخل بالتمر والعنب في الكرم بالزبيب، فإنّها واردة نقضًا على تحريم الربا؛ لأنَّ العلّة في تحريمه إمّا الطعم أو الكيل أو القوت أو المال وكلّ منها (١) موجود في العرايا وإنما لا يقدح ذلك (٢) في العلّة؛ لأنه إنما يعلم كونه وَرَدَ على سبيل الاستثناء إذا كان النّقضُ لازمًا على جميع المذاهب كما ذكرنا في مسألة العرايا؛ وحينئذ يكون معارضًا للإجماع فإنّه منعقد على أنّ علّة الربا أحد الأمور الأربعة، والإجماع أقوى في الدلالة منه فيقدّم عليه، ويعمل بمقتضاه.

واعلم أنّ الإمام مَثَّل للوارد على سبيل الاستثناء في المظنونة بمسألة العرايا، وفي المعلومة بضرب الدية على العاقلة، فإنّها لا تنقض علمنا بأنّ من لم يقدم على الجناية لم يؤاخذ بضمانها (٣).

وقد سبق الإمام بهذا المثال إمامُ الحرمين وغيره واعترض على التمثيل (٤) به بأنّه عكس (٥) النّقض؛ لأنَّه أبدَى الحكم بدون العلّة، وذلك أنّ الجناية سبب لوجوب الضمان وهنا وجب بدون الجناية، وهو اعتراض غير منقدح؛ لأنَّ تقرير التمثيل بذلك أنْ يقال: الجناية سببُ الضمان، وقد تخلف الحكم في القاتل خطأَ أو عمدَ خطأ مع وجود العلّة وإنْ قرر على الوجه المذكور كان بمعنى (٦) أنْ يقول: عدم الجناية سبب لعدم الضمان.


(١) في (غ): منهما.
(٢) فى (ت): في ذلك.
(٣) ينظر: المحصول للرازى: ج ٢/ ق ٢/ ٣٥٢.
(٤) في (غ): التمسك.
(٥) في (ت): من عكس.
(٦) في (غ)، (ت): بمعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>