إلى أن الضمير فى قوله: والتردد فيه للحكم بمعنى وقوع النسبة أو لا وقوعها ففى الكلام استخدام؛ لأن التردد ليس فى الحكم بمعنى التصديق، بل فى الحكم بمعنى الوقوع أو اللاوقوع فذكر الحكم أولا بمعنى التصديق، وأعاد الضمير عليه بمعنى الوقوع، أو اللاوقوع وهو المعبر عنه بالنسبة الكلامية، ويجوز أن يراد بالحكم فى الموضعين الوقوع أو اللاوقوع ويقدر مضاف قبل الحكم أى: من إدراك الحكم، فيكون الخلو عن الحكم بمعنى الخلو عن إدراكه وهذا الاحتمال يرجع للأول ولكنهما يختلفان بالاستخدام، وتقدير المضاف، والأولى كما قال عبد الحكيم: أن يراد بالحكم وقوع النسبة أو لا وقوعها بدليل سابق الكلام ولاحقه أعنى قوله: أولا ولا شك أن قصد المخبر بخبره إفادة المخاطب إما الحكم إلخ؛ فإن المراد به وقوع وقوع النسبة أو لا وقوعها، وكذا قوله:
والتردد فيه، فإن التردد والإنكار إنما هو فى الحكم بمعنى وقوع النسبة أو لا وقوعها ومعنى خلو الذهن عنه أن لا يكون حاصلا فيه، وحصوله فيه إنما هو الإذعان به، فيكون المعنى خاليا عن الإذعان به، والخلو عن الإذعان به لا يستلزم الخلو عن التردد، لأن الإذعان والتردد متنافيان فلا يستلزم الخلو عن أحدهما الخلو عن الآخر، ولما كان الخلو عن الأول لا يستلزم الخلو عن الثانى عطفه المصنف عليه، فقال: والتردد فيه فليس قوله: والتردد فيه مستغنى عنه كما قيل أ. هـ كلامه.
وقول الشارح: لا يكون عالما إلخ: لا يخالف هذا؛ لأن نفى العلم مأخوذ من خلو الذهن عن الحكم، وقوله بوقوع النسبة أو لا وقوعها هذا بيان للحكم فتأمل
(قوله: هل هى واقعة أم لا) قد تكرر فى كتب النحو امتناع أن يؤتى لهل بمعادل؛ لأنها مختصة بطلب التصديق، والإتيان لها بمعادل يقتضى خروجها عن ذلك لطلب التصور كما سيأتى ذلك- إن شاء الله- فى أوائل الإنشاء، فهذا التركيب من الشارح إما بناء على ما ذهب إليه ابن مالك من أن هل تقع موقع الهمزة فيؤتى لها بمعادل مثلها مستدلا بقوله- عليه الصلاة والسّلام-: " هل تزوجت بكرا أم ثيبا"(١)، أو يقال إن أم هنا منقطعة
(١) أخرجه البخارى (ح/ ٢٩٦٧) وأخرجه مسلم بغير لفظ: هل (٣/ ٦٥١، ٦٥٥).