لا نسلم عدم التفاوت فى الفهم على تقدير العلم بالوضع، بل يجوز أن يحضر فى العقل معانى بعض الألفاظ المخزونة فى الخيال بأدنى التفات لكثرة الممارسة والمؤانسة، وقرب العهد بها بخلاف البعض فإنه يحتاج إلى التفات أكثر ...
===
السلب الجزئى لا الكلى، ولذا لم يقل لم يكن أحد منها دالا الذى هو سلب كلى، ثم إن من المعلوم أن السلب الجزئى أعم من السلب الكلى؛ وذلك لتحقق السلب الجزئى عند انتفاء الحكم عن كل الأفراد الذى هو السلب الكلى وعند انتفائه عن بعض الأفراد، ولذا قال الشارح فى بيان معنى قول المصنف وإلا لم يكن كل واحد دالّا عليه أى: وإن لم يكن عالما بوضع كل لفظ، فاللازم عدم دلالة كل لفظ عليه، وهذا اللازم أعنى: عدم دلالة كل لفظ عليه صادق بألا يكون للفظ منها دلالة أصلا وصادق بأن يكون لبعض منها دلالة. فقول الشارح: ويحتمل .. إلخ، الأولى أن يقول فيحتمل عدم كون كل واحد منها دالا، ويحتمل إلخ، كما قلنا، واعلم أن ما ذكره الشارح من توجيه تعبير المصنف بقوله لم يكن كل واحد دون لم يكن واحد إنما يتم على مذهب من يقول: إن المسند إليه المسور بكل إذا أخر عن أداة السلب يفيد سلب العموم، وأما على مذهب الشيخ عبد القاهر من أنه إذا أخر عن أداه النفى وما فى معناها يفيد النفى عن الكل مع بقاء أصل الفعل فلا يتم وهو ظاهر- كذا قرر شيخنا العدوى
(قوله: لا نسلم .. إلخ) هذا وارد على قول المصنف؛ لأن السامع إن كان عالما بوضع الألفاظ لم يكن بعضها أوضح دلالة من بعض
(قوله: بعض الألفاظ المخزونة) مثل ليث وأسد وسبع وغضنفر، وقوله بأدنى التفات: متعلق ب يحضر
(قوله: لكثرة الممارسة) أى:
ممارسة استعماله فى معناه وهو متعلق بيحضر، ففهم المعنى من أسد أو سبع أقرب من فهمه من ليث وغضنفر مع العلم بوضع هذه الألفاظ الأربعة؛ وذلك لكثرة استعمال هذين اللفظين فى المعنى الموضوع له دون الآخرين
(قوله: وقرب العهد بها) أى: بالألفاظ أى: باستعمالها فى معناها أو بالعلم بوضعها، وقوله والمؤانسة: عطف لازم على ملزوم، وكذا قوله: وقرب العهد بها
(قوله: فإنه يحتاج .. إلخ) أى: وحينئذ فقد وجد الوضوح والخفاء فى دلالة المطابقة مع العلم بالوضع فقول المصنف؛ لأن السامع إن كان عالما