وإنما قال: لم يكن كل واحد؛ لأن قولنا: هو عالم بوضع الألفاظ معناه:
أنه عالم بوضع كل لفظ فنقيضه المشار إليه بقوله: وإلا يكون سلبا جزئيا؛ أى: إن لم يكن عالما بوضع كل لفظ فيكون اللازم عدم دلالة كل لفظ، ويحتمل أن يكون البعض منها دالا لاحتمال أن يكون عالما بوضع البعض، ولقائل أن يقول: ...
===
أى: بل يكون فهمه من الكلام الثانى كفهمه من الكلام الأول، والمراد بالفهم الدلالة كما مر
(قوله: وإلا لم يتحقق الفهم) أى: وإن لم يعلم أن هذه الألفاظ الجديدة المرادفة للألفاظ الأولى موضوعة لذلك المعنى لم يفهم شيئا أصلا، فعلى كلا التقديرين لم يكن تفاوت فى الدلالة وضوحا وخفاء، ومثل ما ذكره الشارح من المثال إذا قلنا: فلان يشبه البحر فى السخاء وبدلنا كل لفظ برديفه، فإن كان مساويا له فى العلم بالوضع لم يختلف الفهم، وإن كان غير مساو لم يتحقق الفهم بخلاف ما إذا دللنا على معنى الكرم مثلا بمستلزمه: كفلان مهزول الفصيل، وجبان الكلب، وكثير الرماد وأنه يجوز أنه يكون استلزام بعض هذه المعانى لمعنى الكرم أوضح من بعض فتختلف الدلالة وضوحا وخفاء كما يأتى فى الدلالة العقلية.
(قوله: وإنما قال لم يكن كل واحد) يعنى مما يدل على السلب الجزئى دون أن يقول لم يكن واحد منها مما يدل على السلب الكلى، وإنما كان الأول سلبا جزئيّا؛ لوقوع كل فى حيز النفى المفيد لسلب العموم وهو سلب جزئى، وإنما كان الثانى سلبا كليا؛ لأن واحد نكرة واقعة فى سياق النفى فتعم عموما شموليا فيكون المراد عموم السلب وهو سلب كلى.
(قوله: لأن قولنا) الأولى أن يقول: لأن قوله بضمير الغيبة العائدة على المصنف، إلا أن يقال: إنه لما ذكر عبارة المصنف بالمعنى لم ينسبها له
(قوله: معناه أنه عالم بوضع كل لفظ) أى: فيكون إيجابا كليا، وقوله معناه خبر أن
(قوله: فنقيضه) مبتدأ، وقوله يكون أى: ذلك النقيض، وقوله سلبا جزئيا خبر يكون، وجملة يكون خبر المبتدأ، وإنما كان نقيضه ما ذكر لما تقرر فى المنطق من أن الإيجاب الكلى إنما يناقضه