للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رحمه الله على عبد الملك بن مروان وهو على سريره، فلما بصر به قام إليه وأجلسه معه على السرير، وقعد بين يديه، وقال له: يا أبا محمد! حاجتك؟ قال: يا أمير المؤمنين! اتقِ الله في حرم الله وحرم رسوله؛ فتعاهده بالعمارة، واتقِ الله في أولاد المهاجرين والأنصار؛ فإنك بهم جلست هذا المجلس، واتقِ الله في أهل الثغور؛ فإنهم حصن للمسلمين، وتفقد أمر المسلمين؛ فإنك وحدك المسؤول عنهم، واتقِ الله فيمن على بابك فلا تغفل عنهم، ولا تغلق بابك.

فقال له: أفعل، ثم نهض وقام، فقبض عليه عبد الملك، فقال: يا أبا محمد! إنما سألتنا حوائج غيرك، ثم قد قضيناها، فما حاجتك؟ فقال: ما لي إلى مخلوق حاجة، [ثم خرج] (١)، فقال عبد الملك: هذا الشرف، هذا - وأبيك - السُّؤدد (٢).

وقد تقدم ما رواه الدينوري - أيضاً - من صنيع ابن عباس - رضي الله عنهما - مع أبي العالية - واسمه رُفَيع بن مهران الرِّياحي مولاهم -، وعطاء بن أبي رباح مولى قريش، فانظر في رفعتهما بالعلم - وإن كانا (٣) من الموالي - إلى أرفع المراتب العوالي.

وفي ذلك إشارة إلى أن العلم يُكسِبُ صاحبه الشرف والرفعة في الدنيا مع حسن الثواب في الآخرة.


(١) زيادة من "المجالسة وجواهر العلم".
(٢) رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم" (ص: ٥٥).
(٣) في "م": "كان".

<<  <  ج: ص:  >  >>