للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

٦ - [٥] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ،

ــ

الإنسان بحكم الطبيعة من خوف ما يعاب به، وفي الشرع (١): خُلُق يبعث على اجتناب القبيح، ويمنع من التقصير في حق ذي الحق، ولاختيار العبد مدخل في تحصيل هذا كما في سائر الأخلاق وتهذيبها، وبهذا الاعتبار جعله من شعب الإيمان (٢)، وإنما أفرده بالذكر لكونه شعبة عظيمة كالداعي إلى باقي الشعب؛ إذ الحييّ يخاف فضيحة الدنيا والآخرة، فيأتمر وينزجر، فمن استحيا من اللَّه حق الحياء، فقد أتى بالخيرات أجمعها ظاهرًا وباطنًا.

وقيل: معنى إفراد الحياء بالذكر بعد دخوله في الشعب كأنه يقول: هذه شعبة واحدة من شعب الإيمان، فهل يحصى ويعد شعبها؟ فافهم.

٦ - [٥] (عبد اللَّه بن عمرو) قوله: (المسلم من سلم المسلمون) (٣) خرج مخرج الغالب، وإلا فالذمي كذلك، وفيه: تغليب، فإن المسلمات داخلاتٌ فيهم، وفي رواية


= القبيح بسبب الإيمان؛ كالحياء عن كشف العورة والجماع بين الناس، لا النفساني الذي خلقه اللَّه في النفوس، وهو تغير وانكسار يعتري المرء من خوف ما يلام ويعاب عليه، انتهى.
(١) وسئل الجنيد عن الحياء فقال: رؤية الآلاء ورؤية التقصير، فيتولد من بينهما حالة تسمى الحياء. "الرسالة القشيرية" (ص: ٩٩)، وانظر: "التعليق الصبيح" (١/ ٧٥).
(٢) يشكل كون الحياء جزءًا للإيمان مع أن الإيمان اكتساب والحياء غريزة، فكيف تكون الغريزة جزءًا للاكتسابي، إلا أن يقال: إن العرب يسمون الشيء باسم سببه، وكذا بالآخر، فكذلك ههنا تركه سبب للمعاصي الكثيرة. كذا في "تأويل مختلف الحديث" (ص: ٣٤٥).
(٣) التعريف في المسلم والمهاجر للجنس، وقال ابن جني: من عادة العرب أن يوقعوا على الشيء الذي يختصونه بالمدح اسم الجنس، ألا تراهم كيف سموا الكعبة بالبيت، وكتاب سيبويه بالكتاب، واللَّه أعلم. "عمدة القاري" (١/ ٧٥ - ٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>