للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَأَدْناهَا: إِمَاطَةُ الأَذَى عَن الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَة مِنَ الإِيْمَانِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: ٩، م: ٣٥].

ــ

وقوله: (إماطة الأذى عن الطريق) وهي تنحية مثل الشوك والحجر والقذر والشجر المؤذي للمرور، ونحو ذلك، وذلك على نوعين: أحدهما: أن ينحي عن طريق المسلمين ما يتأذون به، والثاني: أن لا يتعرض لهم في طرقهم بما يؤذيهم، وترك ذلك في حكم الإماطة، كذا قال التُّورِبِشْتِي، ولو أُوِّلَ بدفع كل ما يؤذيهم وتركه مطلقًا؛ لكان شيئا عظيمًا شاملًا لأشياء كثيرة، ومع ذلك هو أدنى من قول: (لا إله إلا اللَّه) وغيره، وذلك أمر نسبي، كذا قيل، وفي اعتبار ترك ما يؤذي بهذا المعنى أدنى الشعب خفاءٌ مع ورود: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) إلا أن يقال: ليس المراد الأدنى حقيقة بل أمر نسبي، ودفع ما يؤذي متأخر رتبة عن حقيقة التوحيد والإقرار به بلا شبهة (١)، فافهم.

وقوله: (الحياء شعبة من الإيمان) (٢) الحياء بالمد في اللغة: تغير وانكسار تعتري


(١) وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ أَفْضَلُهَا مِنْ وَجْهٍ، وَهُوَ أَنَّهُ يُوجِبُ عِصْمَةَ الدَّمِ وَالْمَالِ، لَا أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ، وَإِلَّا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ مِنَ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. "مرقاة المفاتيح" (١/ ٧٠).
(٢) وقال ابن قتيبة: معناه أن الحياء يمنع صاحبه من ارتكاب المعاصي كما يمنع الإيمان فسمِّي إيمانًا كما يسمَّى الشيء باسم ما قام مقامه. "فتح الباري" (١/ ٧٤).
وقال الحافظ التُّورِبِشْتِي رحمه اللَّه تعالى: فإن قيل: الحياء يوجد أيضًا في الكافر؟ قلت: النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أشار إلى الحياء الصادق الذي وصفناه؛ لأن المؤمن إذا عامل الناس بالحياء فلأن يعامل اللَّه به أحق وأجدر، ومن لم يؤمن باللَّه ولم يترك المعاصي له فإنه لم يستح، ومن لم يستح من ربه فهو بمعزل من الحياء، واللَّه أعلم، انظر: "التعليق الصبيح" (١/ ٧٤).
وقال القاري (١/ ١٤٠): والمراد به الحياء الإيماني، وهو خلق يمنع الشخص من الفعل =

<<  <  ج: ص:  >  >>