للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثوري (١) : «ذُكرت عن عمر ضرائب مختلفة على أهل الذمة الذين أُخذوا عنوة» . قال الثوري: «وذلك إلى الوالي، يزيد عليهم بقدر يُسرهم، ويضع عنهم بقدر حاجتهم، فأمَّا من لم يؤخذ عنوة، حتى صولحوا صلحاً،

فلا يزاد عليهم شيءٌ على ما صولحوا عليه، فالجزية عليهم على ما صولحوا عليه، من قليلٍ أو كثير، في أرضهم وأعناقهم» (٢) يعني -إن شاء الله-: إذا كان أقل ما بذله أهل الصلح، مما يبلغ القدر الذي يقبل مثله في الجزية، وهذا هو فائدة الخلاف في حدِّ أقل الجزية الذي إذا بذلوه قُبِلَ، ووجَبَ الكفُّ عنهم، كما أن فائدة الخلاف في حَدِّ الأكثر مراعاة ترك الإجحاف.

وجملة الأمر: أنَّ أهل الذمة في ضرب الجزية عليهم صنفان: أهل صلح وأهل عنوة.

فأهل الصلح: هم الذين يبذلون الجزية قبل القدرة عليهم؛ ليحقنوا بذلك دماءهم، ويحرزوا أموالهم، فهؤلاء يُقرُّون على ما صولحوا عليه من قليلٍ أو كثيرٍ، ولا يزاد عليهم شيءٌ، إذا كان ما بذلوه يبلغ مبلغ القدر الذي يقبل في الجزية، فإن كان أقلَّ مما يقبل في ذلك -على الخلاف المتقدم في حدِّه- لم يجز قبوله منهم، وإذا بذلوا الحدَّ الذي يُقبلُ فصاعداً، وجب القبولُ والكَفُّ عنهم، وأُقِروا على أرضهم وأموالهم، يتوارثونها في الموت، ويحرزونها بالإسلام، لا حَقَّ للمسلمين


= وأبو إسحاق: مدلس، وقد عنعنه. فالإسناد ضعيف.
وأخرجه أبو يوسف في «كتاب الخراج» (ص ٣٦) ، عن محمد بن إسحاق، عن حارثة، به.
وذِكْرُ محمد بن إسحاق، لعلّه خطأ مطبعي- والصواب: أبو إسحاق.
وأخرجه عبد الرزاق (٦/١٠٠ رقم ١٠١٢٨) عن معمر، عن قتادة، عن أبي مجلز، عن عمر، نحوه بأطول من هذا.
(١) أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (٦/٩٠ رقم ١٠١٠٠) عن الثوري، به.
وأخرج الشق الثاني منه في (١٠/٣٣٠ رقم ١٩٢٧٠) .
وذكره عنه الأشجعي والفريابي. انظر: «الاستذكار» (٩/٣٠٣ رقم ١٣٤١١) .
(٢) انظر: «نقد مراتب الإجماع» لشيخ الإسلام ابن تيمية (٢١٤) .

<<  <   >  >>