للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واختلفوا في القدر المبيح لذلك؛ فرُوي عن الأوزاعي (١) : أن المهادنة تجوز إذا كان ذلك نظراً للمسلمين، وإبقاءً عليهم، وقال أصحاب الرأي (٢) : إذا كان ذلك خيراً للمسلمين، وكانوا يخشون إن لم يوادعوهم أن لا يقووا عليهم؛ جاز، فإن وادعوهم على ذلك، ثم رأى المسلمون أن بهم قوةً فعليهم أن ينبذوا إليهم، ثم يقاتلوهم. وقال الشافعي (٣) : إذا ضعف المسلمون عن قتال المشركين أو طائفةٍ منهم؛ جاز لهم الكَفُّ عنهم ومهادنتهم، وعند الشافعي: لو زال ضعف المسلمين، لم يجز أن ينبذوا إليهم إلى كمال المدة، وكذلك عنده (٤) : إذا خاف منهم خيانة، لم يجز له أن ينبذ إليهم، إلا أن تقوم دلالة على ذلك من خبرٍ أو عيانٍ، وإذا لم يكن إلا مجرد الظنِّ؛ فليتمَّ عهدهم إلى مدتهم (٥) .


= والكلام السابق نقله المصنف من «الأوسط» لابن المنذر (١١/٣١٢) بتصرف.
ومذهب الأوزاعي في «اختلاف الفقهاء» (١٤) للطبري، «عمدة القاري» (١٥/٩٧) ، وانظر: «فقه الإمام الأوزاعي» (٢/٤٢١-٤٢٢) .
(١) انظر: «فقه الإمام الأوزاعي» (٢/٤٢١-٤٢٣) .
(٢) انظر: «الهداية» (٢/٤٢٩-٤٣٠) ، «البناية» (٥/٦٦٩) ، «فتح القدير» (٥/٤٥٥-٤٥٦) ، «المبسوط» (١٠/٨٦) ، «بدائع الصنائع» (٧/١٠٩) ، «الفقه النافع» (٢/ ٨٤٢) ، «أحكام القرآن» للجصاص (٤/٢٥٥) ، «إعلاء السنن» (١٢/٣٠) ، وانظر: «الأوسط» (١١/٣٣٣) .
(٣) في «الأم» (٤/١٩٩) .
(٤) «الأم» (٤/١٩٦- ط. دار الفكر) .
(٥) فجمهور العلماء -عدا الحنفية- يَروْن أن عقد الهدنة يلزم الوفاء به حتى تنتهي مدته، ما لم تظهر دلائل الخيانة، فيصح -عندئذٍ- نَبْذُه في الحال.
انظر في فقه المالكية: «عقد الجواهر الثمينة» (١/٤٩٨) ، «قوانين الأحكام» (ص ١٧٥) ، «أحكام القرآن» لابن العربي (٢/٨٨٨) ، «تفسير القرطبي» (٨/٣٢) .
وفي فقه الشافعية: «الأم» (٤/١٩٩) ، «المهذب» (٢/٢٦٣) ، «البيان» (١٢/٣٢٨) ، «المنهاج» (٣/٣٠٥، ٣٠٦) ، «روضة الطالبين» (١٠/٣٣٨، ٣٣٩) ، «مغني المحتاج» (٤/٢٦٢) .
وفي فقه الحنابلة: «المغني» (١٣/١٥٨- ط. هجر) ، «الفروع» (٦/٢٥٣) .
وانظر: «الأوسط» لابن المنذر (١١/٣٢٧، ٣٣١) ، «معالم السنن» للخطّابي (٤/٦٣-٦٤) ، =

<<  <   >  >>