وأخرجه أبو عبيد (٢١١/رقم ٣٩٨) عن الحسن نحوه. واستغربه القاضي أبو بكر بن العربي في «الناسخ والمنسوخ» (٢/٢٤٦) ثم قال: وأغرب منه ماروى بعضهم عن ابن حبيب أنه قال: قوله -تعالى-: {فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ} منسوخة بقوله: {فَإِن تَابُوا} ، وقد بيّنا فساده في قول غيره، وإنما تعجبنا؛ لخفاء هذا عليه مع علمه -رحمه الله-. وقد ذكر مكي بن أبي طالب في «الإيضاح» (ص ٣١٠- ٣١١) كلام ابن حبيب، فقال: قال ابن حبيب: إن قوله {فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ} -الآية- منسوخ ومستثنى منها بقوله: {فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} ، وقال بعد ذلك: {فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} . ثم قال: «ولا يجوز في هذا نسخٌ؛ لأنها أحكامٌ لأصنافٍ من الكفار حكم الله على قوم بالقتل إذا أقاموا على كُفرهم، وحكم لقومٍ بأنهم إذا آمنوا وتابوا ألاَّ يُعرض لهم، وأخبر بالرحمة والمغفرة لهم، وحكم لمن استجار بالنبي -عليه السلام- وأتاه أن يُجيره ويبلغه إلى موضع يأمن فيه، فلا استثناء في هذا؛ إذ لا حرفَ فيه للاستثناء، ولا نسخ فيه، إنما كلُّ آيةٍ في حكمٍ منفردٍ، وفي صنفٍ غير الصنف الآخر، فَذِكْرُ النسخ في هذا وهمٌ وغلط ظاهر، وعلينا أن نَتبيَّن الحقَّ والصَّواب» . وقال سحنون: «وليس الأمر على ماقال الحسن وعطاء: إن الأسير يُمَنَّ عليه أو يُفادى، وإنما كان ذلك في حرب النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصَّة» . انظر: «النوادر والزيادات» (٣/٣٣٠) . وأخرج ابن جرير (٢٦/٤١) من طريق معمر، عن الحسن ما يشير إلى أن مذهبه مثل مذهب سعيد بن جبير -كما سيأتي- قال: لا يقتل الأسارى إلا في الحرب، يهيب بهم العدو. وإسناده منقطع بين معمر والحسن، فمعمر لم يسمع من الحسن. قال الإمام أحمد: لم يسمع من الحَسن ولم يره، بينهما رجل، ويقال: أنه عمرو بن عُبيد. انظر: «المراسيل» لابن أبي حاتم (ص ٢١٩ رقم ٨٢٨) ، و «جامع التحصيل» (٢٨٣ رقم ٧٨٦) ، و «تحفة التحصيل» (ص ٣١١) . وأخرجه عبد الرزاق (٥/٢٠٦ رقم ٩٣٩٣) عن معمر، عمَّن سمع الحسن. والواسطة بينهما مجهولة. ولعلّه عمرو، الذي ذكره الإمام أحمد. وذكر ابن الجوزي في «الناسخ والمنسوخ» (ص ١٧٣) أن آية: {فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ ... } هي الناسخة، وأن هذا قول الحسن وعطاء والضحاك في آخرين. ثم قال: وهذا يرده قوله: {وَخُذُوهُمْ} ، والمعنى: إئسروهم. =