وما ذكره الشيخ هو المشهور.
وفيما وقفت عليه من" تعليق القاضي أبي الطيب": أنه إذا عاد لا يسقط قولًا واحدًا, ويفارق حكمه إذا قطع غصنًا من شجرة, ثم نبت كما كان؛ حيث قلنا: في ذلك قولان؛ لأن الحشيش إذا قطع نبت في العادة, فلو أسقطنا الضمان عن قاطعه بعوده, أدى ذلك إلى إباحة قطعه, والغصن إذا قطع من الشجرة [فعود نباته] غير معتاد؛ فلذلك قلنا إذا نبت في سقوط الضمان عن قاطعه قولان, وصار هذا بمثابة قولنا: من قلع سن صغير لم يثغر: أنه يضمنها, وإن عاد نباتها قولًا واحدًا- يعني: بالحكومة- ومن قلع سن رجل ثم نبت, ففي سقوط ضمانها قولان.
تنبيه: ما ذكره الشيخ يقتضي أنه لا فرق في تحريم قطع الحشيش بين أن يكون لعلف الدواب أو غيره؛ كما إذا قطعه للبيع وغيره من الأغراض سوى العلف, وهو وجه حكاه الشيخ أبو علي في شرح التلخيص, ووجهًا آخر- قال الرافعي: إنه أظهر-: أنه لا يحرم أخذه لعلف الدواب.
قلت: ويمكن أخذهما من نصين للشافعي- رضي الله عنه-:
أحدهما: قاله في القديم: أن له أن يأخذ الورق للدواب والعلف والأفنان الغضة التي تحل محل الورق.
والثاني: قاله في" الإملاء" لا يخبط ورق الشجر للدواب؛ لأن عمر رأى رجلًا يخبط شجر الحرم, فنهاه عنه, وإذا كان في أخذ الورق قولان, فكذا في الحشيش.
لكن قال: في "البحر" و"تعليق البندنيجي" و"الطبري"- كما تقدم-: أن المسألة ليست على قولين, بل هي على اختلاف حالين:
فالقديم محمول على ما إذا كان الخبط لا يفسد الأغصان الكبار.
والذي قاله في" الإملاء" محمول على ما إذا كان الخبط يخدش الأغصان والشجر ويُضِرُّ بها, وربما يكسرها.
وذكر صاحب الفروع حالين غيرهما, فقال: إن كانت الأوراق ساقطة, والأغصان يابسة, جاز, وإلا لم يجز.