(١) الأولية صفة ذاتية لله - عز وجل -، وذلك من اسمه (الأول) الثابت في الكتاب والسنة، ومعناه: الذي ليس قبله شيء. والآخرية صفة ذاتية لله - عز وجل -، وذلك من اسمه الآخر، والذي ورد في الكتاب والسنة. الدليل من الكتاب: قوله تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٣)} [الحديد: ٣]. والدليل من السنة: ما أخرجه مسلم في صحيحه (٢٧١٣) عن سهيل؛ قال: كان أبو صالح يأمرنا؛ إذا أراد أحدنا أن ينام: أن يضطجع على شقه الأيمن، ثم يقول: "اللهم رب السماوات، ورب الأرض، ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنَّوى، ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء؛ اقض عنا الدَّيْنَ، وأغننا من الفقر". وكان يروى ذلك عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - معناه. قال ابن القيم في "طريق الهجرتين" (ص ٢٧): "فأولية الله - عز وجل - سابقة على أولية كل ما سواه، وآخريته ثابتة بعد آخرية كل ما سواه، فأوليته سبقه لكل شيء، وآخريته بقاؤه بعد كل شيء، وظاهريته سبحانه فوقيته وعلوه على كل شيء، ومعنى الظهور يقتضي العلو، وظاهر الشيء هو ما علا منه وأحاط بباطنه، وبطونه سبحانه إحاطته بكل شيء، بحيث يكون أقرب إليه من نفسه، وهذا أقرب غير قرب المحب من حبيبه، هذا لون وهذا لون، فمدار هذه الأسماء الأربعة على الإحاطة، وهي إحاطتان: زمانية، ومكانية، فإحاطة أوليته وآخريته بالقبل والبعد، فكل سابق انتهى إلى أوليته، وكل آخر انتهى إلى آخريته، فأحاطت أوليته وآخريته بالأوائل والأواخر، وأحاطت ظاهريته وباطنيته بكل ظاهر وباطن، فما من ظاهر إلا والله فوقه، وما من باطن إلا والله دونه، وما من أول إلا والله قبله، وما من آخر إلا =