للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو (١) الذي يقرب ويبعد، فمن قربه فقد قدمه، ومن أبعده فقد أخَّره، وقد قدم أنبياءه وأولياءه، بتقريبهم وهدايتهم، وأخر أعداءه بإبعادهم وضربه الحجاب بينه وبينهم.

والملك إذا قرب شخصين مثلاً، وجعل [٤٥٥ ب] أحدهما أقرب إلى نفسه يقال: قدمه، أي: جعله قدام غيره، والقدام تارة يكون في [المكان] (٢) وتارة يكون في الرتبة، وهو مضاف لا محالة إلى متأخر عنه، ولا بد فيه من مقصد يكون هو الغاية بالإضافة إليه بتقدم ما يتقدم، وبتأخر ما يتأخر. والمقصد هو الله.

والمتقدم عنده هو المقرب إليه؛ كالملائكة والأنبياء والعلماء.

[والمراد التقدم، والتأخر في الرتبة وهو الذي وفق للأعمال المقتضية للتقدم، وخذل من أخره عن هدايته] (٣).


= وما أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٦٤١٩) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغه ستين سنة".
قال الهراس في "شرح نونية ابن القيم" (٢/ ١٠٩): "والتقديم والتأخير صفتان من صفات الأفعال التابعة لمشيئة الله تعالى وحكمته، وهما أيضاً صفتان للذات؛ إذ قيامهما بالذات لا بغيرها، وهكذا كل صفات الأفعال هي من هذا الوجه صفات ذات، حيث إن الذات متصفة بها، ومن حيث تعلقها بما ينشأ عنها من الأقوال والأفعال تسمى صفات أفعال".
انظر: "مفردات ألفاظ القرآن" للراغب (ص ٣٩٧)، "الاعتقاد" للبيهقي (ص ٦٣).
(١) قاله الغزالي في "المقصد الأسنى" (ص ١٤٤)، انظر: "شرح أسماء الله الحسنى" للرازي (ص ٣٢٢ - ٣٢٣)، "شأن الدعاء" للخطابي (ص ٨٦ - ٨٧)، "الأسماء والصفات" للبيهقي (ص ٨٦).
(٢) في (ب): "المكانة".
(٣) قال الغزالي في "المقصد الأسنى" (ص ١٤٤ - ١٤٥): والمراد هو التقديم والتأخير في الرتبة، وتوجد إشارة إلى أنه لم يتقدم من تقدم بعلمه وعمله، بل بتقديم الله إياه. وكذلك المتأخر، في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ =

<<  <  ج: ص:  >  >>