للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "القيُّوم" (١) اعلم أن (٢) الأشياء تنقسم إلى ما يفتقر إلى محل كالأغراض والأوصاف, فيقال فيها أنها ليست قائمة بأنفسها، وإلى ما لا يحتاج إلى محل فيقال: إنه قائم بنفسه، مستغن عن محل يقوم به، ولكنه لا يستغني عن أمور لا بدّ منها لوجوده ويكون شرطاً في وجوده، فلا يكون قائماً بنفسه؛ لأنه محتاج [٢٨١/ أ] في قوامه إلى وجوده غيره، وإن لم يحتج إلى محل، فإن كان في الوجود موجود يكتفي [٤٥٣ ب] ذاته بذاته ولا قوام له بغيره، ولا يشترط في دوام وجوده وجود غيره، فهو القائم بنفسه مطلقاً، فإن كان مع ذلك يقوم به كل


(١) القيوم: يوصف الله - عز وجل - بأنه القيوم، وهو وصف ذاتي ثابت لله تعالى بالكتاب والسنة، و (القيوم) اسم من أسماء الله تبارك وتعالى.
الدليل من الكتاب:
قوله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (٢٥٥)} [البقرة: ٢٥٥، آل عمران: ٢].
وقوله تعالى: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ (١١١)} [طه: ١١١].
الدليل من السنة:
ما أخرجه البخاري رقم (٧٣٨٥، ٧٤٤٢، ٧٤٩٩)، ومسلم رقم (٧٦٩) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - في تهجده: " ... لك الحمد، أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن ... ".
قال ابن قتيبة في "تفسير غريب القرآن" (ص ٧): ومن صفاته: القيُّوم والقيَّام، وقرئ بهما جميعاً، وهما (فيعول) و (فيعال) من قمت بالشيء: إذا وليته، كأنه القيم بكل شيء ... ".
قال ابن جرير في "جامع البيان" (٤/ ٥٢٨): القيوم: القيم بحفظ كل شيء ورزقه وتدبيره وتصريفه فيما شاء، وأحب من تغيير وتبديل وزيادة ونقص.
ثم قال ابن جرير: وأول التأولين - بعد ذكرهما - ما قال مجاهد والربيع، وأن ذلك وصف من الله تعالى ذكره نفسه بأنه القائم بأمر كل شيء، في رزقه والدفع عنه، وكلاءته، وتدبيره، وصرفه في قدرته".
وانظر: "اشتقاق أسماء الله" (ص ١٠٥).
(٢) قاله الغزالي في "المقصد الأسنى" (ص ١٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>