للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحال الثالثة: إذا لم يكشف الشبهة ولم يزل المظلمة، قالوا: نريد أن تزيل المظلمة الفلانية، قال: لا، لا أزيلها، أو نريد أن تكشف لنا وجه ما فعلت، ووجه حكمه من الكتاب والسنة، قال: لا، في هذه الحال؛ إن فاؤوا فالأمر واضح وانتهى الإشكال، لكن إن أبوا، قالوا: ما دمت لم تُزل المظلمة ولم تكشف الشبهة لنا فإننا سنقاتلك، فالإمام يجب عليه قتالهم ولَّا ما يجب؟

طلبة: ما يجب.

الشيخ: ما يجب؟

طلبة: ما يصح.

طلبة آخرون: يحرم عليه.

الشيخ: وإذا قاتلهم هل يجب على الرعية أن يعينوه؟

طلبة: ما يجب.

الشيخ: نشوف، نقول: هؤلاء إذا أصرَّ الإمام على ظلمه وعلى تعمية الأمر ولم يبين لهم الوجه، فهل لهم قتاله أم لا؟ لا، لا ليس لهم قتاله، لا تكونوا الخوارج، ليس لهم قتاله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الأمير: «اسْمَعْ وَأَطِعْ وَإِنْ ضَرَبَ ظَهْرَكَ وَأَخَذَ مَالَكَ» (١١)، ونهى أن ينزع الإنسان يدًا من طاعة، إلا أن يرى كفرًا بواحًا عنده فيه من الله برهان (١٢).

فلهذا نقول: إن هؤلاء إذا خرجوا وطلبوا من الإمام إزالة المظالم أو كشف الشبهات، ولكنه أصرَّ، فنقول: لا شك أنه آثم بذلك؛ أما في الأول -وهو عدم رفع المظلمة- فهذا ظاهر. وأما في الثاني فلأنه يجب عليه أن يبين الأمر درءًا للمفسدة، فإن لم يفعل فهو آثم بلا شك، لكن هؤلاء لا يجوز لهم الخروج عليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك.

ومن أجل أنه لا يجوز الخروج لهم عليه، فهل نقول: إنه يجوز -الآن أنا بأعيد عليكم السؤال- هل يجوز أن نقول: إنه يجوز له قتالهم درءًا للمفسدة ولَّا لا؟ لأن السبب الذي قاموا من أجله لا يحل لهم القتال من أجله، إذن فهم معتدون، ودفع اعتداء المعتدي واجب، فأنا أتوقف في هذا؛ هل يجب عليه أن يقاتلهم ويجب على رعيته أن يعينوه أم لا؟ فتحتاج المسألة إلى مراجعة. أما كلام المؤلف فظاهر أنه إنما يقاتلهم إذا بيَّن لهم الشبهة وأزال المظلمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>