للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما العزم على ألَّا يعود فهو بالقلب؛ يعزم على ألَّا يعود لهذا الذنب، وليس الشرط ألَّا يعود، بل أن يعزم ألَّا يعود؛ ولهذا لو عزم ألَّا يعود ثم عاد فإن التوبة الأولى لا تنتقض؛ لأنها تمت شروطها.

وأما أن تكون في زمن تقبل فيه التوبة كأن تكون قبل حضور الأجل وقبل طلوع الشمس من مغربها؛ لأن التوبة بعد حضور الأجل ومعاينة العذاب غير مقبولة، كما قال تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ} [النساء: ١٨]، وقال عز وجل: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (٨٥) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} [غافر: ٨٤، ٨٥]، والتوبة واجبة على الفور، ويش معنى الفور؟ يعني بدون تأخير؛ لأن الإصرار على الذنب ذنب، ولأن الإنسان لا يدري متى يفجؤه الأجل فيُحْرَم من التوبة.

ثم إذا تاب هؤلاء قطاع الطريق؛ فإن كانت بعد القدرة عليهم فلا تُقْبَل توبتهم وليس لها أثر، وإن كان قبل قُبِلَت.

ودليل ذلك قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: ٣٤]، وجه الدلالة من الآية أنه قال: {فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وختمها باسمين كريمين يدلان على أيش؟

طلبة: المغفرة.

الشيخ: العفو والمغفرة، وفُهِمَ من الآية الكريمة: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} أنهم لو تابوا بعد القدرة فإنه لا تسقط عنهم العقوبة، والحكمة من ذلك أنهم إذا تابوا قبل أن يُقْدَر عليهم فإنه دليل على أن توبتهم صادقة، فيتوب الله عليهم، أما إذا تابوا بعد أن يُقْدَرَ عليهم فإن القرينة تدل على أن توبتهم أيش؟

طلبة: خوفًا من ( ... ).

<<  <  ج: ص:  >  >>