فقوله:{فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ}، اللام للأمر المقابل للأمر بالترك، فيكون المراد بالأمر هنا الإباحة؛ لأن الأمر في مقابلة النهي للإباحة، أي: ومن كان فقيرًا فلا بأس أن يأكل، ولكن يأكل بالمعروف، أي بما جرى به العرف، ولكن ما هو المعروف؟ قال المؤلف:(الأقل من كفايته، أو أُجْرَتِه)، هذا المعروف، هذا رأي المؤلف.
فإذا قيل: هذا الرجل كفايته في الشهر مئة ريال، يبغي غداء، وعشاء، وفطورًا، وغسيل ثياب، وما أشبه ذلك، هذا يكفيه مئة ريال، وأُجْرَة مثله، يعني لو أننا استأجرنا شخصًا يتولى مال هذا اليتيم صارت ثمانين ريالًا، ويش يأخذ؟
طالب: ثمانين ريالًا.
الشيخ: ثمانين ريالًا؛ لأنها أقل من مئة، بالعكس كفايته ثمانون؛ ولكن أجرته مئة، ويش يأخذ؟ يأخذ ثمانين، أجرته مئة وكفايته مئة، يأخذ أيش؟
طالب: يأخذ مئة.
الشيخ: على أنها أجرة، أو على أنها كفاية؟
طالب: الاثنين؛ على أنها أجرة وكفاية.
الشيخ: يأخذ مئة، سَمِّهَا أجرة، أو سَمِّها كفاية، وظاهر الآية الكريمة أنه يأكل بالمعروف مطلقًا، سواء كان الأكل أكثر من أجرته أم أقل، لكن العلماء -رحمهم الله- وفقهاءنا يقولون: نعامله بالأبَرّ، من أجل مصلحة اليتيم.
ولكن مَن ذهب إلى ظاهر الآية قال: إننا لا نقيس هذا الرجل الولي الذي عنده من الْحُنُوّ والشفقة ما ليس عند غيره، لا نقيسه بالأجنبي، يعني لو فرضنا أن غيره لو قام على هذا المال لكفاه ثمانون، وهذا كفايته مئة، نقول: هذا يمتاز عن الأجنبي، بماذا؟ بالحنو، والشفقة، وأنه يعطف على هذا اليتيم، ويحرص على حماية ماله، فهو أعظم من الأجنبي.
لكن مَن سلك سبيل الورع فلا شك أن الورع ما ذهب إليه الفقهاء -رحمهم الله- وألَّا يأخذ أكثر من كفايته، وأن يأخذ الأقل من كفايته، أو أجرته مجانًا.
(ويُقبَل قول الولي والحاكم بعد فك الحجر في النفقة، والضرورة، والغبطة، والتلف، ودفع المال)، هذه عدة أشياء، أولها: قد يُقبل قول وليه في النفقة.